البيوت في بر مصر
- سنة النشر: 01 Jan 1970.
- عدد مرات التحميل: 502882 مرّة / مرات.
- تم نشره في: الإثنين , 14 ديسمبر 2015م.
وصف الكتاب:
تتكئ الرواية على الموروث الشعبي والعادات والتقاليد المغروسة في الضمير الجمعي لدى الأسرة النازحة من الصعيد .. مازجة هذا الموروث مع ما يقابلها من موروثات مصرية تكاد تكون مجرد ذكرى في مخيلة جيل يكاد يندثر بكل ما يحمله في ضميره الجمعي من عادات وتقاليد وموروثات ، استطاعت الكتابة بحنكتها أن تجمع كم كبير من هذه الموروثات وتوظفها توظيفا جيدا في سياق العمل الأدبي ، حتى إننا يمكن أن نجد في هذه الموروثات بطلا مسيطرا على العمل منه تخرج الحدوتة من هذا الرحم الزاخر إلى الواقع المعيش بكل ثقله وقسوته . منى سالم التي قدمت من قبل رواية " المشهرات " التي تغرف من هذا المعين الذي لا ينضب ، بكل ما يحمله من خرافة تذهب حد الأسطرة ، من خلال توظيف تلك الموتيفات التي كانت تمرح في عقل وقلب الضمير الجمعي لردح من الزمن ومازالت بقاياها عالقة لدى البعض ، تمارس سطوتها وحضورها القوي من سحر وحسد و علاج بدائي ..الخ . تواصل توظيف هذا عبر روايتها هذه ،وكأنه تأصل لمنهجية ما ، قد تظهر للدارس لمجموع أعمالها من رواية وقصة . وإذا كان صالح الأب هو البطل الرئيس وكلثوم الأم رمز الأم المصرية بكل ما كانت تحمله من موروث .. فإن البطل الحقيقي الكامن في الرواية للبنات .. المرأة .. وعلى رأسهم الابنة الكبرى أمينة ، بكل ما عانته من وجع وألم . الرواية بكل ما تحمله من أحداث تعبر عن البسطاء / الأغلبية من الشعب المصري .. و تشكل التشكيلات الاجتماعية بكل ما تطرحه من تغيرات وما هو كامن داخل الضمير الجمعي .. من خلال تلك العائلة البسيطة ، عائلة صالح الممتدة جذورها من أقاصي الجنوب / الصعيد ، إلى الشمال / الإسكندرية ، مرورا بالعاصمة الأم ، وكأن الكتابة تؤكد على أن هذه العائلة مجرد نموذج للأسرة المصرية سواء كانت جنوبا أم شمالا .. لا فرق يذكر إلا في بعض الفروق البسيطة في العادات والتقاليد التي كانت متقاربة في زمن الرواية الممتد من أيام المملكة مرورا بعبد العناصر والنكسة والسادات وانتصار أكتوبر .. ما حدث خلالهما من متغير اجتماعي كان له تأثيره بالقطع على الضمير الجمعي المصري .. وكانت إشارات الكاتبة م خلال الرواية موحية ومعبرة عن هذه الأزمنة التي جاءت متسقة مع الحدث مثلها مثل توظيفها الماهر للموروث الشعبي. جاءت الرواية بلغة سهلة ، وبناء سردي يحتفي بالتفاصيل ، وهكذا عين المرأة دائما تتلامس وكل التفاصيل وتوظفها في الحدث لتصنع منه هذا العالم الروائي المتنامي من خلال مقاطع ، أسمتها الكاتبة "مشاوير" .. فكل شخص فاعل في الرواية عنونته بمشوار ( كذا )، وكأن الكاتبة ترمز بهذا اللفظ الحياة بما فيها ، فهي مجرد مشوار من الميلاد حتى الموت وبينهما زخم وحضور وصراع بكل ما تحمله الحياة من متناقضات . يبقى العنوان المدخل " البيوت في بر مصر " وهو عنوان دال وكأن الكاتبة ترمز بهذه العائلة التي تتبعت سيرتها وسردت خلالها ، لتؤكد لنا إن هذه الزخم بكل ما فيه هو الشخصية المصرية في ربوع مصر ، بكل ما تحمله بداخلها من ثراء إنساني وإن غلف بالوجع والبؤس والشقاء . إنها الروح المصرية المثابرة على مر الزمان ، نجحت الروائية من خلال هذا العمل أن تقدم لنا هذا النموذج الإنساني ، وتسجل لنا في سياق العمل الإبداعي هذا الموروث والتراث الإنساني قبل أن يأكله النسيان . واعتقد أن في ذاكرة منى سالم الكثير .. سوف تقدمه لنا في قالب روائي جاذب .. لتضيف للمكتبة العربية وسط هذا الصخب أعمال أدبية لها قيمتها وهذا ما ستسفر عنه الأيام القادمة ، فهل تتحقق النبوءة ؟.
