وصف الكتاب:
الإحساس بخطر القافية رافق الشعراء العرب قبل ظهور الجهود التقعيدية والنقدية على مستوى التصانيف المدوّنة ، فظهرت في أشعارهم في سياق ذكرهم للمخاض الشعري ، بوصفها مؤثّرا فاعلا في عمليّة الإنتاج ، وعند ظهور علوم اللغة العربية كانت القافية بارزة كبنية قابلة للتحديد والتصنيف العلمي، فوضعت المؤلفات لتحديدها والتعريف بخصائصها ، ولم يقتصر ذلك الحضور على الجانب التقعيدي ، فقد كانت القافية فاعلة في كثير من الوقفات النقديّة الجماليّة ، وهذه الوقفات أشارت إلى حضور القافية الفاعل وخطرها داخل بنية النص الشعري، لكن تلك الإشارات والوقفات لم تكن بمستوى أهمية القافية في تكوين بنية النص الشعري وجماليته ، ولم تشفع بتطبيقات جادة توضّح خطر القافية ، كذلك لم تُدرس القافية بجميع المستويات التي تتعالق معها بل كانت وقفاتهم تتناول القافية بمستوى واحد بحسب سياق الفنّ الذي ترد فيه ؛ لذلك لم يضعوا نظريّة جمالية متكاملة للقافيّة ؛ ونتيجة لذلك لا نجد تحليلات في النقد القديم تناولت القافية في جميع مستوياتها . كل تلك الإشكاليات التي رافقت موقف القدامى من القافية دفعتني إلى تتبعها ضمن الخطاب النقدي القديم محاولاً الكشف عن ملا بسات تلك الأحكام ومقاييسها وفق كل سياق ونقد بعضها وبيان دقة وصواب بعضها الآخر ومدى تأثيره في توجيه كثير من الأحكام النقدية .