وصف الكتاب:
يسعى المؤلف إلى تقديم أربع مقاربات تهدف إلى تحليل التشوهات الحضارية التي تمس المشروع النهضوي التنويري العربي الذي تعرض للتشويه والهدم نتيجة فقدان أحد أهم عوامله، ولا سيما الاشتراطات المفاهيمية والإجرائية التي ترتبط بمفهوم المثقف، ودوره، ولا سيما ما بات يعرف في المناهج المدرسية برواد النهضة العربية، حيث يرى الكتاب بأنّ النهضة لم تنجز، وبناء عليه ، فإنّ التنوير لم يكتمل، فكلا العمليتين قد خرجتا عن مسارهما كون المثقف قد ارتهن لقوى متعالية، ومنها السلطة، والموروث، والتغريب، أو الارتهان إلى الذات، وبذلك فإنّ المشروع النهضوي التنويري لم يكن سوى عملية تحديث جاءت بوصفها حتمية تاريخية، غير أنها لم تمس الأسس الحقيقية لفعل التنوير، والدليل على ذلك أنّ العالم العربي لم يتمكن من تحقيق أيّ إنجاز حضاري، بل على العكس من ذلك، فقد تعرض لهزائم متعددة، كما تراجع منجزه الحضاري، وتخلف عن الكثير من الأمم، في حين أنه ما زال يعاني من إشكاليات عميقة تتصل بتحقيق الحرية والمساواة والعدالة، علاوة على فقدان الاستقرار السياسي أو الاقتصادي، ويقبع في وضع بيني مشوّه، أي التنازع بين قيم الموروث والرغبة في تبني النموذج الحضاري الغربي الذي يعرض الكاتب لبعض إشكالياته التنويرية كما ناقشها لدى عدد من المفكرين الغربيين ومنهم حنة أرندت، ثيودور أدورنو، ماكس هوركهايمر، ميشيل فوكو، بيير بوردو، يورغان هابرماس، وغيرهم. يلجأ الكتاب إلى منهجية التحليل والحفر المعرفي من خلال البحث في المصادر بغية الوقوف على الأنساق الثقافية/التاريخية، وقراءتها من خلال منظور أو مقاربة جديدة تنشغل بالمضمر في الوعي. في حين خُصص المحور الثالث من الكتاب لبحث الإشكاليات المعرفية، ولا سيما البحث العلمي في العالم العربي، بالإضافة إلى العوائق التي تحول دون إطلاق طاقات العقل وصولاً إلى التنوير. في المحور الرابع تتخذ اللغة جزءاً من أطروحة الكتاب -من وجهة نظر ثقافية- حيث يقرأ الباحث علاقة اللغة بالتاريخ، وأيهما يخون الآخر؟ من ثم يعرج الكتاب على واقع اللغة العربية المعاصر، وتكوينها الحضاري، ولا سيما تمثيل اللغة في المنجز الثقافي العربي على مستوى صيغ التحول في الواقع الرقمي، والأدبي، والثقافي، وغير ذلك. يأتي الكتاب جزءاً من مشروع الباحث المتصل بالدرس الثقافي، والخطاب ما بعد الكولونيالي، حيث سبق للكاتب أن أصدر عدداً من الكتب المهمة، منها كتاب «الرسيس والمخاتلة خطاب ما بعد الكولونيالية في النقد العربي المعاصر» الحاصل على جائزة الشيخ زايد ٢٠١٤ للكتاب، بالإضافة إلى كتاب «في الممر الأخير: سردية الشتات الفلسطيني؛ منظور ما بعد كولونيالي»، فضلاً عن بحوث ودراسات في حقول النقد الأدبي، والسينما، والنقد الثقافي، بالإضافة إلى الكتابة الدورية في بعض الصحف والمجلات العربية.