وصف الكتاب:
إن القواعد الفقهية علم عظيم القدر، رفيع المكانة، عال الشأن، عميم النفع، مشتمل على أسرار الشرع وحكمه، بقدر الإلمام به بقدر ما يكون الإنسان فقيهاً متفتح الذهن، مستغنياً عن حفظ أكثر الجزئيات التي لا سبيل إلى حفظ كلها. قال القرافي رحمه الله "ومن ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات لإندراجها في الكليات، وقال ابن رجب رحمه الله: "أما بعد، فهذه قواعد مهمة وفوائد جمة، بضبط للفقيه أصول المذهب، وتطلعه من مآخذ الفقه على ما كان عنه قد تغيب، وتنظم له منثور المسائل في سلك واحد وتقيد له الشوارد وتقرب عليه كل متباعد". فنظراً لما للقواعد الفقهية من هذه الأهمية، صرف لها العلماء الأجلاء هممهم وبذلوا في خدمتها جهوداً مضنية مشكورة، إلا أن المتتبع لهذه الجهود الضخمة الهائلة يدرك أن ثم عدة جوانب ما زالت بحاجة إلى إستكمال. فالعلماء القدامى الذين ألفوا في القواعد والضوابط الفقهية يقتصرون في جمع ودراسة القواعد والضوابط الفقهية في أغلب الأحيان على المذاهب الفقهية التي ينتسبون إليها، ويذكرونها مجردة عن الأدلة فضلاً عن المناقشة والترجيح، مما يثبت قيام الحاجة إلى إعادة دراسة هذه القواعد والضوابط دراسة علمية قائمة على ذكر موقف العلماء منها وأدلتها وما وجه إليها من مناقشات وإستثناءات وإستدراكات حتى ينضج بذلك هذا العلم العظيم، وخير من يقوم بذلك طلاب الدراسات العليا في رسائلهم العلمية. ورغبة مني في المشاركة بجهد المقل في خدمة هذا العلم الجليل، اخترت بعد الإستخارة وإستشارة بعض مشايخي الأفاضل جمع القواعد والضوابط الفقهية الحاكمة لأهم العقود في المجتمع الإنساني، وهي عقود الشركات؛ لما تجلب على الفرد والمجتمع من نمو إقتصادي، ولما تتميز به من سرعة التطور في التنظيمات والإجراءات التي تحتاج إلى بيان الموقف الشرعي منها من خلال القواعد والضوابط الفقهية الحاكمة لها.