وصف الكتاب:
إن العودة إلى الجذور أساس في حياة الأمم، ولم يعرف التاريخ أمة تعرضت لدسائس طمس الجذور مثل الأمة الكنعانية التي سكنت أرض كنعان التي امتدت من نهر العاصـي شمالاً حتى العريش على الحدود المصـرية جنوباً، ومن الثابت تاريخياً أن الحضارة الكنعانية سبقت حضارة وادي النيل وفاقتها في ميادين كثيرة. كان الكنعانيون أول من أقام التجمعات السكانية كنواة للمجتمع الحضـري، وكانوا أول من أقام المدن المحصنة واعتمد على الزراعة في إقامة اقتصاد حربي يضمن لهم الصمود في وجه الغزاة من العموريين، والخبيرو أو العبرانيين، والحثيين، وكانت مدينتنا جبيل في لبنان ومجدو في جنوب فلسطين أهم مدنهم المحصنة، إن جميع المدن المشهورة على الساحل السوري فيما عرف قديماً بأرض كنعان بناها الكنعانيون العرب، قبل أن تبتلى هذه البلاد بأقوام الأغراب الذين جلبوا لها التعاسة والحروب، وكان اليهود أكثرهم شـراً، ومنذ ظهور العنصـر اليهودي على هذه البقعة من الدنيا والتزوير ينال كل شـيء فيها، ومن يقرأ العهد القديم من التوراة بما فيه من تحريف وتأويل وخيالات وأباطيل يلمس ذلك بسهولة، كما يلمس الأسلوب المنظم لطمس الحضارة الكنعانية وتصوير أهلها بأنهم أشـرار يبيح الرب لليهود استباحة دمائهم وأموالهم وأعراضهم وأوطانهم، تماماً كما تفعله الصهيونية بأهل فلسطين هذه الأيام على مرأى ومسمع من العالم المتمدن «نصـير حقوق الإنسان»، ولا زالت معزوفة «أرض الميعاد» الخرافية تردد وتلبس الطابع الديني العنصـري لتبرير الجرائم اليهودية ضد الأبرياء. إن ديواني هذا ـ العودة إلى الجذور ـ شـرح تاريخي أمين عدت فيه إلى مصادر التاريخ لأوثق الحق العربي الأزلي في فلسطين ضد الباطل اليهودي الصهيوني، ولست أشك لحظة أن الباطل سوف يزول مهما طال الظلم وتعاظم الطغيان، وأن للباطل جولة، هذه إرادة السماء، ومنطق التاريخ ومجراه. سـيجد القارئ العزيز أن جميع أسماء المدن والمواقع التي يحاول المحتلون الصهاينة إيهام العالم أنها يهودية هي في الواقع أسماء كنعانية عربية لها مدلولاتها وتواريخ بنائها، وسـيرى أن اليهود كانوا واحدة من شـراذم موجات الغزو العابرة والعديدة التي مرت على هذه المنطقة، مرور غبار الصـيف، أو سادت لفترة ثم بادت، دون أن تترك أي أثر حضاري، باستثناء دعاوى باطلة لا سند لها مثل هيكل سليمان وما أحاطوه به من أساطير وخرافات واهية، فقد اتبع اليهود على مر العصور سـياسة: اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس، ولن يجرؤ أحد على اتهامي باللاسامية في قولي هذا، فنحن العرب أصل الساميين في هذا العالم، وإن كان نسـي ذلك كثيرون منا ولم يشـرحوه للعالم.