وصف الكتاب:
واضح أننا جميعاً نتفق - مهما اختلفت الرؤى وتباينت المواقف والتصوّرات والأفكار - على الأهمية البالغة للمسألة التاريخية، أي للعودة إلى نسيج الحبكة التاريخية وإستنطاقها لمعرفة أين نقف الآن، وما الذي يتحتّم علينا أن نفعله في المستقبل؟... ليس ثمة تجربة في العالم تحترم نفسها وتتعامل بالجدّ الأدنى من التعقّل مع الواقع، إلاّ وتجد في تاريخها الخبرة والخصوصية والمؤشرات التي تمنحها الثقة بالذات، وتهديها سواء السبيل فتقول لها: مرّي من هنا وحاذي ان تمرّي من هناك... إنه التصادي الفعّال في مسيرة الأمة حيث لا ينفصل الحاضر عن المستقبل أو الماضي إلاّ بحدود موهومة نتخيّلها - أحياناً - بدرجة لونية أعمق بكثير من درجتها الحقيقية، وحيث يكون نهر الزمن المتدفّق ومكوناتهن واحداً في الشمال والوسط والجنوب، اللهم إلاّ بقدر ما ينضاف إليه عبر رحيله الدائم، ولكنه - مع هذا - يبقى واحداً... والذين قالوا بضرورة الإنفصال عن "التاريخ" من بعض تلامذة المدرسة المادية، رأوا أنفسهم مضطرين إلى الرجوع عن مقولتهم تلك، بدرجة أو أخرى، لقد أرغمهم التاريخ على قبول حكمه. من هنا، تكتسب هذه المحاولة التي بين يدي القارئ أهميتها إنها تفتح - ربما لأوّل مرة - طريقاً إلى رؤية "النورسي" للتاريخ، هذه الرؤية التي لا تعني بالضرورة تغطية شاملة لتفاصيل وجزئيات الحدث التاريخي، ولا تجيب - بالضرورة كذلك - على سائر الأسئلة التي يطرحها والمعضلات التي يثيرها. فقد يكفي - أحياناً - أن يقف مفكر ما عند هذه المسألة الخطيرة أو تلك مما يتمخض عن التاريخ، وأن يقول كلمته في هذه الجانب أو ذاك من معطياته الغنية المتشابكة، لكي يستطيع المرء أن يتسلم الإشارة ويعرف طبيعة التوجه التاريخي في فكر الرجل. وهكذا، فإن تمركز هذا الكتاب عند عدد فحسب من المسائل الهامة في التاريخ، من بين مسائل ومعضّلات كثيرة متشعبة، يجعله يكسب أهميته، لأنه يحدّثنا بمنطق إستدعاء النص، عما أراد "النورسي" أن يقوله، ويمنحنا الإجابة عن بعض ما حيّر عقول أجيال شتى من المسلمين في مختلف الأماكن والأزمان. .هذا الكتاب يحتوي على خمس فصول: 1- في فلسفة التاريخ والمشروع الحضاري. 2- عصور ما قبل الإسلام. 3- عصر الرسالة. 4- عصر الراشدين والأمويين والعباسيين. 5- المستقبليات.