وصف الكتاب:
تناولت هذه الدراسة الصورة الفنية في شعر فتيان الشاغوري، و قد بينت أنه كان للعصر من النواحي السياسية و الاجتماعية و الفكرية، أثر واضح في مجالات الصورة و موضوعاتها في شعره، لذا جاء الحديث عن الإنسان منبثقا من طبيعة العصر، فكان الرسول صلى الله عليه و سلم محورا أساسا من محاورها باعتباره المثل الأعلى الذي أراد أن يقدمه الشاعر للناس في عصره، و كان الإنسان بطلا مجاهدا من أبطال الصراع مع الفرنجة المحور الثاني، و كذلك المرأة بأعراقها المختلفة، ثم الشاعر نفسه بما كان يعانيه من واقع فقير، وحياة تتسم بشظف العيش، وقلة ذات اليد. لذا كان الشاعر أحيانا يلوذ بالحكمة لعله يجد في ظلالها ما يواسيه و يخفف من معاناته، و لكن وطأة الشيخوخة أيقظت في نفسه إحساسا مأساويا بحركة الزمن، عبر عنه في صور تشي بالشكوى و التذمر و الخوف من الموت، كما كانت البيئة الشامية الجميلة و حركة الناس في مجتمعه محورا آخر من محاور الصورة في شعره، فجاءت هذه الصور معبرة عن افتتانه بتلك البيئة، و موقفه في مجتمعه، و قد عكست الصورة بموضوعاتها المتعددة شاعرا ذا ثقافة متنوعة، إذ استثمر هذه الثقافة في تشكيل صوره و بنائها. و تنوعت المصادر التي استرفد منها الشاعر صوره، و هي مصادر ذات صلة وثيقة بطبيعة الموضوعات و مجالاتها، فجاءت المصادر مرتبة حسب ورودها في شعره من حيث كثرة الاستخدام على النحو التالي : القرآن الكريم، و الإنسان، و الطبيعة، و الحياة اليومية، و الثقافة، و الحيوان. و وظف الشاعر حواسه في بناء صوره، فتجمعت صوره بنمط حسّي صوري على نحو من أشكال بصرية تمثلت في الحركة و اللون و السكون، و أشكال سمعية، و لمسية، و شمية، و ذوقية، بالاضافة إلى تراسل هذه الحواس و تبادل مدركاتها. و لقد استخدم الشاغوري أنماطا كثيرة من التشكيلات الإسلوبية لبناء صوره و ابتكارها، و من هذه التشكيلات اللافتة للنظر : الصورة الإشارية، و التشبيهية، و الاستعارية، لكونها صورا فنية لفظية، و الصورة المفردة، و المركبة، و الطويلة، كصور فنية شكلت مقايسة على حجمها.