وصف الكتاب:
"هي رحلة ذللَّ صعوبتها انتمائنا وعشقنا إلى هذا النهج الذي سرنا ونسير في جادته ألاّ وهو نهج إعادة كتابة تاريخ المسرح العراقي وفق صياغات علمية واكاديمية بعيدة عن الأهواء الذاتية والأمزجة المتلونة والروايات الشفاهية التي حرّفت الكثير من آثار المسرح العراقي". عند متابعتنا منذُ أكثر من عقدين من الزمن نجد أن المنجز الإبداعي للأقليات ظلَّ هامشياً بسبب الكثير من العوامل السياسية والثقافية، كما كان للعزلة المفروضة أكبر الانعكاسات على بقاء إنجازاتهم بعيدة عن دائرة النقد والمتابعة البسيطة. فضلاً عن أن الأدباء والشعراء والمثقفون والفنانون من أبناء الديانة اليهودية يتمتعون بتاريخ ثقافي مهم، وكان للشعر والقصة والرواية تحققات واضحة، والمسرح كان أكثر الانجازات وضوحاً وإثارة للدهشة بسبب ما للمدارس والمنتديات الأدبية اليهودية من دور في دعم هذا الجانب، على رغم وجود أسماء كُتاب مهمين في مجال النص المسرحي، لكن الواقع السياسي العراقي أبان العقود الست الماضية ساعدَ على مغادرتهم العراق ومخاوف النقاد من تسليط الضوء على دورهم في مجال الفن والنص المسرحي في الحقبة الزمنية السابقة. تضمن مقدمة وسبعة فصول وملحق مع تزويد الكتاب بصور مهمة من الأدباء والنقاد المسرحيين، ضمّ الفصلُ الأوّلَ عرضاً مختصراً لجهود اليهود في نشأة العراق الحديث العراق، ودورهم المائز واسهاماتهم الأولى في مجال النشاط المسرحي. أما الفصل الثاني فقد سلَّط الضوء الربيعي على العروض المسرحية متخذاً من الصحف العراقية مصدراً لذلك لكونها صادقة في النشر والتوثيق والتأريخ لصدور هذه العروض والحفاظ على أخبارها، إلاّ أن الدكتور الربيعي يؤكد على أن هذه الصحف قد أهملت أشخاص المسرحيات من الممثلين والمخرجين والتقنيين، وإنما اكتفى كُتابها بإيراد الخبر الصحفي فقط، الأمر الذي فوَّت على الكتّاب والنقّاد والمهتمين بهذا الجانب ادراج الأسماء المهمة ضمن السرد المسرحي العراقي، وهذا الأمر يسري على عموم الأخبار التي اهتمت بالعروض المسرحية العراقية في تلك الحقبة الزمنية. ففي ص53 ذكر الدكتور الربيعي قائلاً :"عرف اليهود المسرح كما عرفته الطوائف والديانات الأخريات في العراق في القرن التاسع عشر إلاّ أنهم لم يمارسوه إلاّ مع طلائع القرن العشرين، ونحسب أن عوامل ثلاثة رئيسة تقف خلف هذا التأخر أولهما عدم تبني رجال الدين اليهود للمسرح مبكراً، فقد ورثوا عن أسلافهم من رجال الدين إكراههم لهذا النشاط وتباغضهم له... فإن اليهود ومؤسساتهم التعليمية استشعروا أهمية المسرح ووجدوا فيه سبيلاً لتمرير غايات معينة، وبدأوا يمارسونه في مدارسهم وجمعياتهم مع بداية القرن العشرين"، بعدما وجدت فيه فوائد ترفيهية وتربوية على حدٍ سواء. لكن الدكتور الربيعي قد دون في كتابه هذا أسماء كُتابها في هوامش متن الكتاب اعتماداً على قراءات العروض المسرحية، منها دور الفرق المدرسية التي كانت تتبارى في تقديم المسرحيات في جميع المدارس اليهودية في العاصمة بغداد وبقية المحافظات. لكن في ص55 يذكر الدكتور الربيعي في كتابه قائلاً :"قبيل الحرب العالمية الأولى نظَمَ خضوري شهرباني فرقة يهودية تُعنى بالنشاط المسرحي في مدينة البصرة وقدمت عروضها المسرحية باللغة العربية"، لكن بعد عشرينيات القرن العشرين كان القائمون على المسرح من مخرجين وممثلين يحرصون على عرض مسرحياتهم أمام العامة في بغداد وأن عدداً من اليهود انتسب إلى الفرق المسرحية العراقية أمثال كرجي كاشي ومنشي صالح وحسقيل قطّان ومير الياهو والياهو سميرة. حتى بدأ يهود العراق ومؤسساتهم التوجه نحو المسرحيات العالمية والعربية، ففي ص56 يؤكد الدكتور الربيعي قائلاً :"وهذه المزية التي بانت عليها المسرحيات المقدمة لم ينفرد بها المسرح اليهودي فحسب، بل أنّ المسرح المسيحي في العراق حاز المزية نفسها". أما في مجال الفرجة المسرحية فيذكر الدكتور الربيعي قائلاً في ص58 :"أول خبر موثق عن عرض مسرحي يهودي في العراق هو الخبر الذي يشير إلى ما قدمه طلاب (مدرسة الأليانس) في بغداد في يوم الرابع عشر من شهر ايار سنة 1910م من مسرحيتين إحداهما باللغة العربية والأخرى باللغة الفرنسية"، وفي هذا الفصل هناك سرد موثق لتاريخ المسرحيات معتمداً الدكتور الربيعي على مصادر الصحف والمجلات ومنها (صدى بابل، المفيد، الاستقلال، الأوقات البغدادية، الأهالي، صوت الشعب، الوقائع العراقية، الحضارة، البلاد، مجلة الزهراء، مجلة المصباح، مجلة الحاصد).