وصف الكتاب:
في هذه الرواية أظهر الأديب إبراهيم قدرة عالية على السرد والصبر لتوصيل الهدف الذي أراده بأسلوب أدبي جذاب، وبصياغة لغوية فصيحة وسليمة، وبالإضافة إلى إتقان مزج الواقع بالمتخيل، حتى ليصعب الفصل بينهما، وبأسلوب اختص به الكاتب.في هذه الرواية، ومن المعلوم أنك لا تستطيع أن تحكم على روائي وكاتب عريق من عمل أدبي واحد، وسأحاول قراءة روايات لاحقة لهذه الرواية. لكن أهم ما يميز هذه الرواية وضوح الهدف من كتابتها، ووضوح الشخوص وتحركاتهم وأهدافهم ولكن الغموض الذي يثير التساؤل في هذه الرواية هو كيف ارتضى الإنسان المواطن الأصلي، والمستقدم بعض التصرفات الشاذة المخفية والمعلنة، وكيف تسربت عادات وطبائع الشذوذ إلى مجتمع بدائي بسيط (الأرض الحافية) كالقسوة والتحكم وتغطية للحقائق وكثرة المخفي السيء والمسكوت عنه، وكذلك النفاق وظلم للمرأة وهضم أبسط حقوقها وتشويه للإسلام واخلاقياته التي هي جوهر الدين، وكل تلك الصفات الشاذة في مواقع الأرض الحافية معروفة للجميع هناك ربما، لكنها مسكوت عنها وزيادة على ذلك إساءة استعمال السلطة والأمانة من قبل المسئولين والمتحكمين، والتوجيهات، وبرغم كل الانتقادات التي كان السارد يوجهها لسكان بيئة الأرض الحافية، إلا أن الممرض أو هو الذي كانوا يسمونه الطبيب تعايش بشكل يدعو للغرابة وعدم التصديق، وبلغ مكانا مرموقاً في ذلك المجتمع، وصادق ورافق امير المنطقة، وتمكن من الاطلاع على الكثير من الأسرار والمحظور والمسكوت عنه، بحكم هذه العلاقة التي عرفناها عبر السرد المطول، وأنها كانت علاقة حميمة ولو أنها تدخل تحت بند النفاق وتبادل المنافع، وإن الأمير تقبل هذا الممرض وأحبه، ورفض تنفيذ اوامر نقله إلى منطقة أخرى، ليدلل لنا السارد عن عمق الثقة التي وصل لها في نفسية الأمير ومرافقه الأقرع، حتى في اوقات اصطدام الممرض (الطبيب) مع شيخ الجامع (المطوع)، ومع تذمر الممرض وهو السارد عبر سرد كل تفاصيل الحكاية، إلا أنه أبان دون قصد او بلا وعي أن إقامته في تلك المنطقة كانت مقبولة بالنسبة له ومحببة، و توافقت مع الكثير مما تمناه من غربته، ووصف لنا الممرض نفسه الكثير من المناسبات التي حظي فيها باحترام الأفراد من مجتمع الأرض الحافية والمسئولين وتقديرهم له ولتواجده عندهم، انسجم مع السكان المحليين، وحتى الوافدين من البلاد العربية للعمل كممرضين أاو ممرضات معلمين أو معلمات في المدارس، ويصف السارد بيئة الأرض الحافية نيابة عن الأمير، مع ان المفروض أن يسمح للأمير أن يصف ديرته بنفسه ، ولم يكتف السارد بهذا فقط، بل زاد من تدخله وأصدر حكمه هو على الصحراء وهو ليس ابن صحراء ومما جاء في الرواية: (ولهذا السبب ترك أمير المنطقة أولاده وقصوره في المدينة، وأحب حياة البادية الصحراء، للصحراء أسرارها وبريقها وعقاربها، أفاعيها ونساؤها ورجالها، والمطوع ومستوره. . . ) ص37 من الرواية. وهناك نقاط أثرت على حكاية هذه الرواية من حيث الفن الروائي: