وصف الكتاب:
الالتزامات والمسؤولية الناجمة عن إخلال المقاول بهذه الالتزامات شغلت الفقه بها وما برحت تجتذبه، واستوقفت القضاء فأكثر من الاجتهاد فيها، ولم يكن التوسل بها ليعسر لو انبت على ركن الضرر وحده لتقوم به بعد ثبوتها. غير أن الخطأ الناجم عن تنفيذ الالتزامات والذي تكرس على أنه الركن الأساسي لقيام المسؤولية عن هذه الالتزامات هو الذي جعل ردات خلقت في الفقه تياراً انطلق من فكرة المخاطر جراء التنفيذ المعيب للالتزامات المترتبة على عاتق المقاول فكان له انعكاسه على حقل التشريع. ولما كانت الالتزامات المترتبة على عاتق المقاول تختلف بين زمان وآخر وبين أمة وأخرى إذ إنها فكر مبني على المعتقدات والأفكار التي تسود أية أمة. فما هو سائد في مجتمع بدائي يختلف عما هو سائد في مجتمع متحضر لذلك تختلف طبيعة الالتزامات الملقاة على عاتق المقاول بين زمان وآخر وبين أمة وأخرى وبالتتابع يختلف نطاق المسؤولية الناجمة جراء الإخلال بأي من هذه الالتزامات. وإذا كان ابن خلدون قد توصل منذ القرن الخامس عشر إلى مقولة أن: "على مقدار عمران البلد تكون جودة الصنائع للتأنق فيها حينئذ واستجارة ما يطلب منها"، وأن: "رسوخ الصنائع في الأمصار إنما هو برسوخ الحضارة وطول أمده..." فإن حقائق العصر الحاضر تزيد من تأكيد هذه المقولة. ولما للمقاول والمقاولات من أهمية كبيرة في عصرنا الحاضر ... ولما يترتب على المقاول من التزامات تخوف تنفيذها المعيب أو الإخلال بأي منها مخاطر جسيمة. ولافتقار الأمة العربية لمقاولات كبرى قادرة على الإنجازات العظيمة دون ائتلاف الشركات الصغرى أو اللجوء إلى الشركات الأجنبية للتنفيذ، ولافتقار التشريعات العربية لنصوص خاصة في هذا الإطار، جاء اهتمامنا بعقد المقاولة وبالالتزامات الملقاة على عاتق المقاول من جانب، ومن جانب آخر هناك أهمية خاصة تتمثل في أن هذه الدراسة تشكل تجربة للتعامل بين قانونين مدنيين وهما القانون المدني المغربي والقانون المدني الأردني، مع عقد المقارنات حيث يلزم ذلك مع الأحكام التي عليها مسائل البحث في بعض القوانين العربية مع إدراج النص التشريعي العربي أو الإشارة إلى مادته وفق مقتضى الحال. وكلما أمكن أيضاً عقد المقارنات مع القوانين غير العربية وبخاصة القانون الفرنسي والذي يعتبر بدوره المصدر الرئيس للقوانين العربية كافة وعلى رأسها القانون المغربي ونظيره القانون الأردني