وصف الكتاب:
شهد القرن الحادي والعشرون تطورات هائلة في تكنولوجيا الاتصال انبثق عنها ظهور عدد كبير من المواقع الإلكترونية وانتشارها بشكل واسع، تلاه تطورات ضخمة نتيجة الثورة الرقمية ــ الإلكترونية والتي انبثق عنها الإعلام الجديد، بحيث يعتبر العالم الافتراضي الفيسبوك من أبرز أشكاله. كما أن التطورات التكنولوجية أدت لتطور الأجهزة الإلكترونية إلى أجهزة رقمية ــ إلكترونية نتج عنها ظهور الأجهزة والهواتف الذكية والتي تعتبر هي الأخرى شكلاً من أشكال الإعلام الجديد التي تمتاز ببرامجها المتعددة. ولعلّ أهم التأثيرات السلبية التي أنتجتها ثورة تكنولوجيا الاتصال والمعلومات المتنامية كانت زيادة معدلات الجرائم الذي لم تُكشف أبعادها بعد، بخاصة مع توالي التطورات التكنولوجية التي يشهدها عالمنا المعاصر اليوم. وهذا التقدم والتطور الهائل والسريع الذي يشهده عالم اليوم لم يعد يقتصر على أجهزة الكمبيوتر من حيث الاختراقات والتجسس وغيرها من الجرائم، بل تحول إلى الفضاء ما أدى إلى ازدياد عمليات التجسس والاختراقات الإلكترونية وانتشارها بشكل يثير القلق، وبالتالي جعل الدول عُرضة لهجمات إلكترونية تهدد الدول من حيث فضائها وبنيتها التحتية الحيوية، وما يحويه ذلك الفضاء والبنية التحتية من شبكات اتصال ومعلومات وأنظمة تتعلق معظمها بأجهزة الدول وأمنها الوطني، بحيث أصبح الفضاء الإلكتروني مسألة معقدة تعدّت حدود الدول براً وجواً وسماءً، الأمر الذي يتطلب تعاوناً عالمياً لتأمين الحماية الفضائية، ولضمان أمن شبكة الإنترنت، وما يستدعي الوقوف جلياً على هذا الجانب الذي أصبح يشكل خطورة كبيرة على المجتمعات والدول على حد سواء. ولا بد من الاعتراف بأن مبدأ "سيادة الإنترنت" بات يُعرف الآن بعدما بات الإنترنت جزءاً مهماً من ركائز سيادة الدول. فالتكنولوجيا والإنترنت يعتبران عاملين مهمين من أجل تطور الدول ونموها، حيث إن التكنولوجيا بأشكالها المتعددة أحدثت تغييرات جذرية في بُنية دول العالم ومناهجها وأدواتها وأساليبها المتعددة الأشكال، إلا أن طرق استحداث أساليب جديدة لحماية استخدام أجهزة الكمبيوتر، وحماية البيانات المتصلة به تلك الأجهزة، وحماية مؤسسات أخرى في دولة ما، لم يبرز إلا تقدماً ضئيلاً في هذا المجال حتى الآن. فعلى الرغم من أن شبكة الإنترنت تتمتع باللامركزية وسرعة انتشارها وتضخمها، إلا أن هذه الأمور كانت على حساب "أمن الشبكة"، وبالتالي ازدادت الجرائم الإلكترونية والحروب الإلكترونية بين الدول، واتسع مجال القرصنة والهاكرز لتزداد الجرائم الإلكترونية وتتنوع أساليبها وطرقها أيضاً. ونتيجةً للفراغ القانوني الذي تحتاجه شبكة الإنترنت وغياب الرقابة وعدم وضع معايير وقوانين ناظمة للعمل الإنترنتي فقد بدأت تنتشر وتزداد ظاهرة "الجرائم الإلكترونية" والجرائم المعلوماتية، وتتطور وتأخذ أشكالاً متعددة، الأمر الذي شكل خطورة على العالم والمجتمعات على حد سواء. كما بات يشكل خطورة كبيرة على أمن المعلومات الخاص بكل دولة، من حيث عناصرها البشرية وأنظمتها وأجهزتها ومؤسساتها. وعلى الرغم من دخول العالم الألفية الثالثة عام 2001، إلا أنه ما يزال يمر بمرحلة تغيير معقدة، بخاصة مع الثورات والتغييرات التي شهدتها قطاعات عدة كالاتصالات، والإنترنت، والتقنية الرقمية، وقطاع الإعلام، ومرحلة عدم الاستقرار غير العادية التي تمر فيها أسواق البورصات العالمية، والأسهم، والاستثمارات العالمية لأجل الربح السريع. وعلى الرغم من الميزات الهائلة التي تمتاز بها شبكة الإنترنت العالمية، إلا أن الدخول إلى هذه الشبكة أصبح يشكل خطورة غير محسوبة العواقب نتيجة لانتشار ظاهرة الجرائم الإلكترونية المتمثلة بالقرصنة والهاكرز، والإرهاب الإلكتروني الذي نتج عنه سيطرة الجماعات والمنظمات الإرهابية من خلال القيام بعمليات غسل العقول والتجنيد الإلكتروني للشباب والفتيات، إضافة لانتشار جرائم غسل الأموال، والتزوير والتزييف الإلكتروني، وانتشار خطاب الكراهية والابتزاز والتي ازدادت عبر مواقع الإعلام الجديد، خلال ثورات ما يسمى بـ "الربيع العربي". وانتشار مواقع الإباحة الجنسية التي تسيطر على المراهقين وتحولهم إلى ضحايا لها وللمجرمين. الأمر الذي أدى لتحول شبكة الإنترنت إلى ساحة من الصراعات والأحداث والجرائم الإلكترونية والتي تحولت فيما بعد من جرائم إلكترونية عبر العالم الافتراضي، إلى جرائم إلكترونية على أرض الواقع مسببة خسائر فادحة سواء من الناحية المعنوية أم المادية. الأمر الذي دفع بمعظم الدول لإيجاد قوانين تحد من تلك الجرائم. كما تسعى الدول جاهدة لوضع خطط إستراتيجية من حيث تطور البنية التحتية الإلكترونية، وتسهيل المعاملات الإلكترونية... إلخ، نتيجة الهجمات الكبيرة التي تتعرض لها الشبكات الحكومية بشكل يومي أو شبه يومي، من خلال عمليات الاختراق والتجسس وتسريب المعلومات. كما ازدادت اساليب الهجمات الإلكترونية وتنوعت بشكل لم يسبق له مثيل، وتطورت الأساليب الشيطانية فيما يخص الإرهاب الإلكتروني وتمويله. الأمر الذي بات يهدد أجهزة الدول وأنظمتها وبنيتها التحتية؛ لأن تحديات الحماية من الهجمات الإلكترونية تكمن في صعوبة الوثوق بأجهزة الاتصالات والأنظمة المعلوماتية، بالإضافة لصعوبة تحقيق الحماية.