وصف الكتاب:
تنقسم علاقة القرابة من حيث نطاقها إلى وحدتين أساسيتين: الأولى: وحدة القرابة التي تشمل الزوج والزوجة وأولادهما من أبناء غير متزوجين وبنات غير متزوجات، وهذه الوحدة تعد نواة القرابة، ويطلق عليها اصطلاحاً "الأسرة النووية"، وتتكون أساساً من عقد الزواج بين رجل وامرأة، ويؤسس هذا الزواج روابط قانونية واجتماعية بين الزوجين، وروابط بيولوجية بين الأبوين وأولادهما. الثانية: وحدة القرابة التي تشمل الأصول والفروع التي ترتبط بنسب الأب، سواء في شكلها الممتد (أب ــ أولاد ــ أحفاد) أم في شكلها المركب (إخوة ــ أولاد عم)، ويطلق عليها اصطلاحاً (الأسرة الممتدة) أو العائلة، ويلاحظ أن مفهوم العائلة يتسع ليشمل ــ بالإضافة إلى ذلك ــ الأعمام والعمات والأخوال والخالات وأولادهم. والقرابة من العلاقات الشخصية التي تتصف غالباً بالديمومة، وتتسم بمتانتها ورسوخها وبتجردها من الطابع الرسمي (الشكلي)، إذ تقوم على التفاعلات والاتصالات المباشرة بين أفرادها، مما يفضي إلى قيام صلات عاطفية ومشاعر وجدانية متبادلة. وقد تقع بعض الجرائم التي تتميز ببعد اجتماعي خاص، ذو حساسية بالغة الأهمية، نظراً لطبيعة العلاقة التي تربط أطرافها، حيث قد ترتكب بعض الجرائم من قبل جناة تربطهم بالمجني عليهم رابطة قرابة أو زوجية، تؤثر إلى حد كبير في المجني عليه، وهذه الرابطة اضطرت المشرع إلى التدخل لوضع بعض القواعد القانونية التي تراعي هذا البعد الاجتماعي، وتكفل حماية أوسع لكل مصلحة عليا في المجتمع الذي هو محل الحماية الجزائية. وإذا كانت هذه الجرائم تستمد خصوصيتها من طبيعة الرابطة التي تربط بين أطرافها، فلأنها رابطة افترض فيها العقل ــ قبل القانون ــ أن تكون وسيلة لانسجام أفراد الأسرة، وانتشار المودة والرحمة بينهم، لذا راعى المشرع هذه الرابطة ورتب عليها آثاراً جزائية. وموضوع هذا الكتاب يتركز على إبراز الأحكام الخاصة بالقرابة والروابط الأسرية في مجال التجريم والتبرير والعقاب والإجراءات الجزائية، وسيكون هذا الكتاب مقصوراً على تناول أحكام التشريع الأردني لرفد المكتبة القانونية الأردنية بدراسة تأصيلية تحليلية معمقة حول أثر القرابة والروابط الأسرية في التشريع الجزائي الأردني. وقد حرصت على تعزيز هذا الكتاب الاجتهادات الصادرة عن محكمة التمييز الأردنية لما لهذه الاجتهادات من أهمية في فهم النصوص القانونية باعتبار أن هذه الاجتهادات تطبيق للنصوص القانونية ومفسرة لها كونها توضح وتجلي ما غمض من هذه النصوص.