وصف الكتاب:
يعني مبدأ المشروعية خضوع الحكام والمحكومين للقانون، ويعد الالتزام بهذا المبدأ من السمات التي تتميز بها الدولة القانونية الحديثة، والتي تخضع فيها الدولة بمختلف مؤسساتها وفي كل نشاطاتها وتصرفاتها للقواعد القانونية المكتوبة وغير المكتوبة، فجميع الأعمال والتصرفات التي تقوم بها سلطات الدولة، ومن بينها السلطة الإدارية، يجب أن تنسجم مع مبدأ المشروعية، مما يقتضي ويستوجب بالضرورة وجود نظام قضائي فعال يضمن رقابة حقيقية على أعمال الإدارة وتصرفاتها ويمنعها من التعسف في استخدام السلطة والخروج على الحدود المرسومة لها في القانون. وبعد أن وفقنا الله وقدمنا لطلابنا الأعزاء وللقراء الكرام بعض المؤلفات الأساسية المتخصصة في مجال القانون الإداري، وبعد أن قمنا بتدريس مادة القضاء الإداري لما يقارب العقدين من الزمان لطلبة القانون في مختلف كليات الحقوق في الجامعات الأردنية، وفي ضوء التعديلات الدستورية لعام 2011 التي أوجبت وجود قضاء إداري في الأردن على درجتين، وصدور قانون القضاء الإداري رقم 27 لسنة 2014 لهذه الغاية فإننا نجد اليوم من الواجب علينا أن نقدم للمكتبة القانونية الأردنية والعربية هذا المؤلف بكل ما يتضمنه من تطورات تشريعية واجتهادات قضائية وآراء فقهية ربما لا تكون متوفرة في العديد من المؤلفات المشابهة والتي تنطوي عليها المكتبة القانونية. ونظراً لأهمية القضاء الإداري كضمانة لحماية الحقوق والحريات العامة وكركيزة أساسية لتعزيز مبدأ المشروعية وسيادة القانون فقد أصبحت مادة القضاء الإداري من بين المواد الإجبارية التي تدرس لطلبة كليات الحقوق، وهو ما دفعنا لإنجاز هذا المؤلف والذي يعالج بشكل خاص موضوع دعوى الإلغاء باعتبارها أهم دعاوى القضاء الإداري، أما دعوى التعويض فسوف نخصص لها مؤلفاً خاصاً في قادم الأيام إن كان في العمر بقية. وقد تم تقسيم موضوعات هذا الكتاب على بابين رئيسين يتضمن كل منها مجموعة من الفصول والمباحث والمطالب والفروع، وهما مبدأ المشروعية والقضاء المختص بالرقابة على أعمال الإدارة (الباب الأول)، ودعوى الإلغاء (الباب الثاني). بقي أن نشير إلى أننا قد عالجنا موضوعات هذا الكتاب من منظور مقارن، لقناعتنا بعمق تجربة الأنظمة القانونية التي اخترناها للمقارنة مع القانون الأردني، وهي الأنظمة القانونية في كل من فرنسا وبريطانيا ومصر، ولقناعتنا بأهمية المقارنة كمنهج للبحث العلمي وبخاصة في إطار الدراسات القانونية، فهي بحق تلك النافذة التي يمكن أن نرى من خلالها تجارب الآخرين ونستفيد منها ما أمكن، وهي في الوقت ذاته المرآة التي يمكن من خلالها أن نرى أنفسنا بوضوح من أجل تعزيز الإيجابيات التي يتمتع بها نظامنا القانوني وتلافي ما يعتري نظامنا القانوني من ثغرات وسلبيات. وفي نهاية هذا التقديم نسأل الله أن يكون في هذا المؤلف الفائدة المرجوة للطلبة والباحثين والمهتمين، وإن حالفنا التوفيق فذلك فضل من الله، وإن كان الأمر بخلاف ذلك فالتقصير من أنفسنا، معتذرين للقارئ الكريم عن كل خطأ أو قصور.