وصف الكتاب:
تعد القنوات الفضائية من أهم الوسائل الإعلامية الحديثة في نشر الفكر الإنساني بتبادل الأفكار وعرض الآراء المختلفة والمتباينة من خلال البرامج الحوارية، النشرات الإخبارية والوسائل الدعاية وسواها، إذ تمثل وسيلة من وسائل التطور الحاصل في عالمنا اليوم ولهذه الوسيلة الكثير من الإيجابيات وترافقها بعض السلبيات. ومن أبرز الإيجابيات للقنوات الفضائية هي أنها حولت العالم الكبير إلى قرية صغيره من خلال التواصل بين أقطاب العالم عن طريق القنوات الفضائية المرتبطة بالأقمار الصناعية، وفضلاً عن ذلك تعد أداة لنشر الأديان وثقافات الشعوب فيما بينهم ووسيلة دعاية في مختلف المجالات. وبالرغم من الإيجابيات إلا أنها أفرزت العديد من السلبيات، منها إثارة الفتن الدينية والاجتماعية والسياسية وتخريب الاقتصاد الوطني لبعض الدول وكذلك توثر على سلوكيات المجتمع، وأصبحت في بعض الأحيان وسيلة تسهل ارتكاب الجريمة على الأشخاص العامة والخاصة والتحريض عليها. وينتج عن استخدام القنوات الفضائية مفاهيم وسلوكيات جديدة للجريمة لم تكن معروفة من قبل، فهذه التقنية الحديثة خلقت إشكالاً قانونياً عندما تستخدم كوسيلة للعلانية في ذم أو قدح أحد الأشخاص، ولحداثة دخول فضاء الحرية إليه وسوء استعمالها من قبل بعض الأفراد الذين لا يستطيعون التمييز بين الفوضى والحرية وبين التجريح والنقد، فبعضهم يظن أنه يمارس حريته من خلال حقه في النقد للظواهر والسلوكيات السلبية بينما هو يرتكب فعلاً جرمه القانون عندما يمس حق الفرد في سمعته والحفاظ على شرفه واعتباره، لذا يقتصر بحثنا على طائفة واحدة من الجرائم التي ترتكب عبر القنوات الفضائية والتي باتت أحد أكثر الجرائم انتشاراً على القنوات. وتأتي أهمية هذه الدراسة في الوقت الحاضر نظراً لما تثيره من مشاكل قانونية واجتماعية لم تزل موضع نقاش حتى يومنا هذا، وفي ظل هذا التطور السريع والهائل في مجال الاتصالات الذي تشهده القنوات الفضائية، لذا كان لا بد من أن نتناول بالدراسة والتوضيح بيان الإطار القانوني للقنوات الفضائية والمسؤولية الجزائية، وأهم الأحكام الموضوعية التي تتناول المسؤولية الجزائية للقناة الفضائية وخاصة فيما يتعلق بجرائم الذم والقدح والتحقير، والأحكام الإجرائية لملاحقة مرتكبي جرائم الذم والقدح والتحقير للقنوات الفضائية، لذا كان هذا الموضوع من وجهة نظري بحاجة ماسة إلى دراسة واسعة للإحاطة به من جميع الجوانب.