وصف الكتاب:
ظل عبد القاهر الجرجاني – رغم غزارة ما كتب حوله- مفتقرا إلى دراسة نحوية جادة ومستفيضة، تنفض عن آرائه النحوية ما علق بها من نتائج مُجتزأة ومكررة، ينقلها اللاحق عن السابق، ومن ثم، جاء هذا الكتاب لتقديم جديد، نرجو أن يكون قائما على أسس علمية مبنية على الاستقراء، والتتبع، والتحقيق في المصطلح؛ للوصول إلى نتائج صحيحة. وقد حرصنا في دراستنا على مباشرة تراث الجرجاني النحوي غير المفقود، بعد صدوره محققا؛ قصد استجلاء أبعاد منهج عبد القاهر من مظانه، وموازنته بآرائه المبثوثة في دلائله. وخلصنا في الأخير إلى إبراز الدور العملي للنحو، وأنه ذو كفاية تفسيرية كبيرة؛ حيث أكد الجرجاني على ذلك، بعد طول خدمته للنحو، وإدامته النظر في مؤلفات السابقين حتى أحسن تمثل الأصول والمبادئ النظرية في أعمالهم، فكان أن فتح الله على يديه ببيان الأداة التي يعلل بها البيان القرآني، والمتمثلة في القاعدتين العامتين اللتين بنى عليهما عبد القاهر نظريته، وهما: -: حسن التعليق، -: وتوخي معاني النحو، فجاء النظم عنده نتاجا لمجموعة من العمليات الخاضعة لهاتين القاعدتين العامتين، واللتين تنظمان المراحل التي تمر بها عملية إنتاج الكلام وصناعته، انطلاقا من المعاني النفسية القائمة في الصدور حتى الانتهاء منه، وتحويله إلى مبان وصياغة عالية السبك والفضيلة.