وصف الكتاب:
مع بداية ازدهار التجارة بين الدول، وجد أن هناك ثلاثة أنواع من التجارة هي الأنشط في الإقبال عليها بين الدول، وهي على الترتيب تجارة السلاح، وتجارة المخدرات، وتجارة النفط، فتجارة المخدرات وُجدت قبل النفط، وأتى السلاح دائما في المقدمة، للبحث عن الثروة والذهب، حيث كان من أهم أدوات الاستعمار للسيطرة والتحكم في الدول التي يتم استعمارها، حتى أتقنوا احتكارهم للتجارة والتحكم في الأسواق واستغلال مواردها للحفاظ على قوتهم، وكانت تلك القوة تظهر بمدى قوة سلاحها الذي يساعد على الهيمنة العالمية، فظهرت تجارة السلاح لتعد التجارة الأكثر ربحًا، وتدر أموالًا طائلة. ومع بداية عصر النهضة والثورة الصناعية وانتشار الفكر الرأسمالي أصبح المستعمر يبحث عن أسواق لتصريف منتجاته، ووضع أياديهم على الموارد الأولية المتوفرة بالدول التي استعمروها، وبالتالي نشأت شركات كبرى عابرة للقارات تتحكم في الأسواق لتنهب وتسلب كل موارد الدول المستعمرة، وكان على رأسها شركات احتكرت صناعة السلاح، التي برعت في خلق الأزمات وإشعال الحروب حتى تمتلئ خزائنهم بالأموال، لكن لم يكن السلاح كافيًا للتحكم بالدول وشعوبها، فوجدوا ضالتهم في تجارة المخدرات لتدمير وإركاع الشعوب والسيطرة عليها، وهو أقوى سلاح صامت وهادئ للفتك بهم، وهي الوسيلة الأفضل والأقوى للحفاظ على مصالحهم، ومن ثَمَّ لابد من احتكار تلك السلعة التي تجعل الشعوب ذليلة ومستضعفة، وبالتالي تصبح السيطرة عليها أسهل، لتصبح تجارة المخدرات ثاني أقوى تجارة بعد تجارة السلاح، وكلاهما يكمل الآخر، لتدرَّ عليهم أرباحًا هائلة وضخمة. ونظرا لانتشار المخدرات وإدراك ما يصاحبها من أضرار جسيمة على الفرد والأسرة والمجتمع سواء صحيًّا أو اجتماعيًّا أو اقتصاديًّا، أي أنها أصبحت وسيلة مدمرة للدول، مما دعا المجتمع العالمي لإقرار الاتفاقيات لتجريم تجارة المخدرات وحظر بيعها، مما أدى لظهور ونشأة عصابات التهريب لتجارة المخدرات، التي أصبحت حاجتهم للسلاح أكثر لحماية تجارتهم، وبالتالي أصبح لايمكن من ازدهار تجارتهم إلا في ظل وجود سلاح يحميهم. ومن حين لآخر كانت تظهر عصابات المخدرات قوية، ولكن مهما كانت قوتها كانت لابد أن تسقط، ومن هذه العصابات كانت عصابة (بابلو إسكوبار) التي هي محور كتابنا الذي بين يديك، حيث تربَّع زعيمًا على عرش إمبراطورية ضخمة بناها من تجارة المخدرات في عشرين عامًا، ولم يدرك من له المصلحة في صعوده سلَّم عرش تجارة المخدرات، ليجد نفسه العدو رقم واحد أمام قوات جيوش دولتين هي كولومبيا وأمريكا، ليظهر مصطلح حروب العصابات التي تستخدم المرتزقة في حروبها، ومصطلح غسيل الأموال التي تنشأ من تجارة المخدرات، وهذا ما استغلته القوى الاستعمارية المهيمنة التي نجحت في وضع خطط استراتيجية خفية وسرية، لفرض سيطرتها والتلاعب بالدول الضعيفة. وهنا نحاول أن نسرد تاريخ تجارة المخدرات واستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية لاستخدامها في هدم الدول، لإحكام الهيمنة والسيطرة عليها، والتجاوز وغض البصر عن ظهور عصابات المخدرات، بل ومساعدة وصناعة قاتل ودموي في بناء إمبراطورية لتجارة الكوكايين، مثل (بابلو إسكوبار) الذي أصبح قديسًا وروبن هود في نظر شعبه، حتى أصبح خطرًا على السلطة الحاكمة، ومن ثَمَّ تتدخل لسحقه هو وعصابته وتستولي على كل ممتلكاتهم، وفي الوقت نفسة تظهر لشعبها أنها تحارب قوى الشر، والحامية والمنقذة من الأخطار التي تحيط بها. الكاتب محمد سويفي عبد الله.