وصف الكتاب:
حظيت مصر بموقع جيوبولتيكي متميز , رتب عليها مهام ووظائف وأدوار في دوائر مختلفة ثلاث ، أولها الدائرة العربية كونها دولة عربية مهمة ، والثانية في الدائرة الافريقية كونها دولة تقع في قارة أفريقيا ، والثالثة الدائرة الاسلامية لانها دولة اسلامية ، ومن الملاحظ أن الدوائر الثلاث تعكس مكانة وثقل مصر الأقليمي ، ناهيك عن دورها الدولي ، فهي المدخل الطبيعي وخط الاقتراب الحتمي الى شمال افريقيا على طول الساحل الشمالي للقارة , وعلى الجهة الأخرى فإنها بقوة اكثر المدخل الحقيقي لأفريقيا في الشمال . فمصر هي حجر الزاوية في الثلاثية القارية التي يتألف منها العالم القديم , والوحيدة التي تلتقي فيها قارتان وتقترب منها ثالثة , ولاسيما انها تقع عند التقاء هاتين القارتين , وبهذه الصفة فإنها لا تمتاز فقط بالموقع المركزي المتوسط في قلب العالم القديم ولا بموقع البوابة فحسب , ولكن بالموقع العقدي البؤري , فضلا عن قدرات عسكرية وديموغرافية لا يستهان بها جعلت منها قوة إقليمية مؤثرة في المنطقة العربية والافريقية , الذي اصبح المجال الحيوي لمصالحها ولنفوذها ولسياستها , ومن ثم فإن أي متغيرات وتحولات يشهدها الإقليم لابد وان تؤثر بهذه المصالح والسياسات , ولاسيما اذا انعكس ذلك في موازين القوى واثر في سياستها الخارجية في المنطقة العربية والافريقية تتسم السياسة الخارجية المصرية بشكلها العام بمجموعة من السمات التي شكلت الطابع السياسي لها منذ قيام ثورة 23 – يوليو 1952 م , وحتى قيام ثورة التغيير 25 – يناير 2011م؛ بعدم الاستقرار والثبات الذي كان السمة الواضحة في نهج السياسة الخارجية المصرية , وفي ادراك صانع القرار الخارجي . وانطلاقا من هذا المنظور شكلت ملامح السياسة الخارجية المصرية على المستوى الدولي منذ تفكك الاتحاد السوفيتي والهيمنة الامريكية وظهور النظام الدولي الجديد , إذ كانت مصر لاعبا إقليميا أساسيا في منطقة الشرق الأوسط , ومتوافقة مع الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة من خلال الازمات التي حدثت فيها , إذ يمثل احتلال العراق سنة 2003 , اللحظة التي تأكدت معها مكانة الولايات المتحدة الامريكية كقوة لا يضاهيها احد عالميا , وأصبحت تنسق العلاقات والسياسات الإقليمية في المنطقة , على وفق جدول اهتماماتها واولويات استراتيجياتها , وهو ما انعكس بتأثيراته وتبعاته في الأوضاع الجيو سياسية للمنطقة العربية بما فيها مصر , التي عبرت عن اهتماماتها بالمنطقة العربية من منطق الاستجابة كدولة مركزية للموقع الجيو سياسي الذي يفرض العناية بالاعتبارات الإقليمية المحيطة كمصدر تهديد للامن القومي المصري , او لاقامة علاقات اقتصادية ذات نفع للمصالح الوطنية , وكمجال للحركة والنفوذ الإقليمي والدولي , وهو ما يتطلب مزيداً من الاهتمام في هذه الاعتبارات , ولاسيما ان مصر تقليديا تمثل جزءا مهما من المنطقة العربية , بحكم واقعها الجغرافي والتأريخي والثقافي.