وصف الكتاب:
الإمام مسلم صاحب هذا الكتاب، هو مسلم بن الحجاج بن ورد كوشاذ، أبو الحسن القشيري النيسابوري، وهو من قبيلة من العرب معروفة، سواء كان (قشيرياً) من أنفسهم، أم من مواليهم، فهو عربي خالص النسب، قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: "القشيري نسباً، النيسابوري وطناً، عربي صلبية، وهو أحد أعلام أئمة هذا الشأن". كانت ولادته سنة 206هـ، سكن نيسابور وهي أن ذاك من المراكز العلمية المهمة؛ لا سيما في علم الحديث والرواية، وقد اشتهرت بعلو أسانيدها، حتى وصفها الإمام الذهبي بقوله: دار السنة والعوالي"، وقال ياقوت الحموي "معدن الفضلاء، ومنبع العلماء"، ونيسابور تقع بين مشهد وهواة، وهي من أعظم مدن خراسان وأشهرها. نشأ الإمام مسلم غنياً سخيَّاً، وليس من المصادر التي ترجمت للإمام صورة تفصيلية عن طفولته، رجل الإمام مسلم رحلات عديدة، وكان كما ذكر النووي: "أحد الرحالين في طلبه إلى أئمة الأقطار والبلدان، وساعده على ذلك فرط ذكائه، وعلوّ همته، وماله الوفير الذي جمعه من ضياعه وتجارته. كان الإمام مسلم سلفي العقيدة، فقد تأثر بما كان عليه شيوخه من عقيدة صافية، من أمثال شيخه البخاري، وأحمد بن حنبل، وإسحاق ابن راهويه، وأبي زرعه الرازي وغيرهم، أثنى عليه العلماء، وقال ابن حاتم في "الجرح والتعديل: "كان ثقة من الحفاظ"، وقال الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد: أحد الأئمة من حفاظ الحديث"، وقال أبو حامد بن الشًّرفي: "إنما خرجت خراسان من أئمة الحديث خمسة: محمد بن يحى، ومحمد بن اسماعيل، وعبد الله بن عبد الرحمن، ومسلم بن الحجاج، وإبراهيم بن أبي طالب". وقال النووي: "أجمعوا على جلالته وإمامته، وعلوّ مرتبته، وأكبر الدلائل على ذلك كتابه: "الصحيح" الذي لم يوجد في كتابه قبله ولا بعده من حسن الترتيب، وتلخيص طرق الحديث". توفي الإمام مسلم سنة 260هـ في نيسابور، وترك مؤلفات حديثية على درجة عالية من الأهمية، وكتابه "المسند الصحيح"، المشهور بــ "صحيح مسلم" خير شاهد على ذلك، فقد اقتصر على الأحاديث الصحيحة المشهورة، مما نقله الثقات المعروفون بالصدق والأمانة، وطرح الأحاديث الضعيفة والروايات المنكرة، وقد صنف الإمام مسلم "صحيحه" في بلدة "نيسابور" بحضور أصوله في حياة كثير من مشايخه. أما الزمن الذي استغرقه فيه فليس بالقليل، وذلك لجمعه طرق الأحاديث وتحريه في سياقها، وتحرزه في ألفاظها، مع الإختصار البليغ، والإيجاز التام، وحسن الوضع، وجودة الترتيب، وهو على ما قاله أحمد بن سلمة الذي كان ملازماً للإمام مسلم في تأليفه: "كنت مع مسلم في تأليف صحيحه خمس عشرة سنة"، وقد كان الغرض من تأليف المسند الصحيح، المشهور بــ"صحيح المسلم" أن يجمع جملة من الأخبار الصحاح في سنن الدين وأحكامه، وغير ذلك من صنوف الموضوعات، لتكون قريبة سهلة المنال من عموم الناس الراغبين في طلب الحديث من غير عناء في البحث عن صحة الحديث وسقمه، وهذا يتضمن دعوة من الإمام المسلم للإقتصار على الأحاديث الصحيحة المشهورة وطرح الأحاديث الضعيفة. ومن خلال دراسة الصحيح نجد أن الأحاديث متتابعة مضمونة في المسألة الواحدة؛ حتى أن القارئ ليشعر أن هذه الأحاديث وحدة جزئية تبحث موضوعاً مبيناً، وقد نال صحيح مسلم عناية فائقة تمثلت في جوانب متعددة، وأيضاً تم الإعتناء بصحيح مسلم في هذه الطبعة من خلال عملية تحقيق جاءت على النحو التالي: 1-تخريج الأحاديث من بقية الكتب الستة: صحيح البخاري، سنن أبي داود، سنن الترمذي، سنن النسائي، سنن أبي ماجة؛ 2-إغناء هذه الطبعة مترجمة للإمام مسلم، 3-تخريج الآيات القرآنية، 4-ترقيم الأحاديث تسلسلياً من أول الكتاب إلى آخره ثم ترقيمها حسب ترقيم "المعجم المفهرس لألفاظ الحديث الشريف"، 5-ترقيم الأبواب، 6-وضع فهارس للكتب والأبواب، 7-وضع فهرس للأحاديث مرتبة على حروف المعجم.