التخييل العلمي : تدريسه ونقده
- سنة النشر: 01 Jan 1970.
- عدد مرات التحميل: 502882 مرّة / مرات.
- تم نشره في: الإثنين , 14 ديسمبر 2015م.
وصف الكتاب:
كتاب يسعى إلى إبراز حدود الاختلاف و التشابه بين أجناس أدبية أخرى كالرومانس، و الخرافة، و الملحمة. و نظرا إلى أهمية الكتاب، نورد التقديم الذي قدمه به المترجم هذه الترجمة:«منذ عدة سنوات و هذا النوع الروائي يشكو من خطأ في ترجمته، حتى باتت تسمية «الخيال العلمي» شائعة من خلال تثبيتها في أذهان القراء و الباحثين، و صارت من المسلمات غير القابلة للنقاش. و لعل ذلك يؤول إلى عدم إعادة النظر فيه من جديد، نظرا لقلة الدراسات حوله، أو ربما لغيابها في حقل الدراسات الروائية على الأقل في العالم العربي. قد يكون مرد ذلك غياب البحث العلمي و الابتكارات العلمية التي أدت إلى نشأة هذا النوع الأدبي. إذ لا يزال الغرب مصدر الأبحاث، و التطورات، و الاكتشافات العلمية في كل المجالات، المعلوم منها و ربما غير المعلن عنها لأسباب قد تتعلق بالأخلاق( كيفما كانت) أو لأخرى، فيما يظل العالم العربي متخلفا ليس على مستوى الباحثين و المخترعين و هم كثر، و إنما ما زال الأمر مرتبطا بشدة بالسياسات التي تنهجها معظم البلدان العربية من حيث عدم تخصيص ميزانيات تصرف لهذا الغرض، أو حتى إذا رُصدت فلا تصل عشر معشار ما تصرفه الولايات المتحدة الأميركية وحدها. و هو ما جعل العديد من الكفاءات العربية تيمم شرطها نحو الغرب من حيث هو فضاء يشجع على البحث العلمي، و إمكانيات تطويره بما يخدم الإنسانية جمعاء. ما دعانا إلى العودة للنظر في هذا الاسم هو لقائي ببعض الأكاديميين و الباحثين الذين أصروا خلال الحديث على عدم تغييره، علما بأنني نبهت مرارا إلى أن مصطلح Fiction يعني التخييل و ليس الخيال بحسب ما يروج. ذلك أن معادل الخيال سواء في الإنجليزية أو الفرنسية هو imagination الذي قد لا يكون بالضرورة مكتوبا، و يفترض منه الارتهان إلى آليات صياغته؛ في حين يرتبط التخييل أساسا بالإبداع السردي، و المسرح و الشعر. و هكذا فلا يمكن بأية حال استبدال التخييل بالخيال. فالتخييل لغة هو تشييد خيالي يقوم به الشخص عن قصد، شفاهيا أو مكتوبا. و هو في استعماله التقليدي الأضيق يحيل على السرد الأدبي. أما الخيال بحسب تعريف عبد الحميد شاكر فهو: عمليّة يقوم بها الإنسان بإرادته و بكل مرونة، يستطيع من خلالها أن يتجول في عالمه الخاص بواسطة عقله، وتكوين الصور وتحريكها حتى يصل إلى ما يريده، هي عملية كلية ذات فروع خاصة بها. و هكذا، فالتخييل مرتبط أساسا بالإبداع عن قصد و له آليات اشتغاله، فيما الخيال أوسع من ذلك، و هو قضية لا يقر بها عقل الإنسان في الرؤيا التي لا تكون في تصور عقله من عمق معرفته لشيء لا معالم له. ليس هناك تعريف محدد و شامل للتخييل العلمي، بل ثمة عدة تعاريف، جلها بدا لنا فضفاضا أكثر مما ينبغي. إلا أننا آثرنا الإشارة إلى بعض منها، غرضنا من ذلك تقديم لمحة عن تصور بعض كتاب التخييل العلمي المرموقين. على سبيل الحصر، يرى إسحق عظيموف أن أدب التخييل العلمي « هو استجابة أدبية للتغيير العلمي، و تلك الاستجابة تحرك السلسلة الكاملة للتجربة الإنسانية جميعها. و بعبارة أخرى، إن أدب التخييل العلمي يشمل كل شيء». أما غريفيتس فيرى بأن «قصة التخييل العلمي هي تلك التي يعتمد تعليق الإنكار فيها على التطور المعقول أو المقبول ظاهرا لأحد أو بعض الأفكار المحورية العلمية أو الفنية». و يرى هانيلاين أنه « تكهن واقعي بأحداث مستقبلية ممكنة، مؤسس بصلابة على معرفة كافية بالعالم الواقعي، في الماضي و الحاضر، و على فهم شامل لطبيعة و دلالة المنهج العلمي». و كيفما كانت الأحوال فالتخييل العلمي جاء ليعالج بطريقة تخييلية استجابة الإنسان لكل تقدم في العلوم البحثة، و التكنولوجيا، و الثورة الرقمية في المستقبل، إلى جانب كونه يجسد تأمل الإنسان في احتمال وجود حياة جديدة في الكواكب الأخرى. و فضلا عن ذلك، يسعى التخييل العلمي إلى نزع الغرابة أو خلق ألفة مع ظواهر غريبة قد تصدم الإنسان مستقبلا ما لم يكن مستعدا لها. بعكس الكتابات الأخرى عن العلم، يتطلع التخييل العلمي إلى الأمام، و ليس إلى الخلف مثلما تفعل الأنواع الأخرى. يتأمل حيث تستقر هذه الأنواع. و لهذا يقول باريندر إن التخييل العلمي ليس شكل حنين إلى الماضي، كونه مهتما بالممكنات البديلة و الاستباقات التي، في بعض الحالات، في الواقع كانت قد تأكدت. و لعل أهميته في هذا الإطار كونه يمزج بين الحقائق العلمية و الرؤية المستقبلية، و الغرض منه هو خلق تصالح بين الأدب و العلم. حتى أنه لم يعد في حاضرنا ترفا، و إنما ضرورة مستقبلية بفعل هذه التطورات السريعة و الحاصلة في تقدم العلوم، و هي تطورات لا تدع مجالا للشك في كون المستقبل سوف يكون مغايرا لما هو عليه راهننا. وفضلا عن ذلك، فقد يفيد التخييل العلمي الدراسات المستقبلية لمنحنا تصورا لما قد نشهده في المستقبل و التكيف مع صدمة هذا المستقبل على حد تعبير آلفين توفلر، و قد يساعد على اتخاذ قرار لجعل غد عالمنا القادم غدا أفضل. و خليل أبو قورة، في تقدرينا الشخصي، لم يجانب الصواب عندما صرح بأن علينا البدء بالخيال لتنمية الأبداع و الموهبة. و من ثمة فهو جنس أدبي يجسر الهوة بين العلم و الفن.
