وصف الكتاب:
هذا الديوان يحتوي على غير شكل للقصيدة، وأنا لا أرى أن هناك شكلاً واحداً للشعر، فالشعر أكبر من أشكاله ونظرياته ومن منظريه ومن كل من يتقوّل عليه، فلا تعريف نهائياً أو خالصاً أو جامعاً للشعر .. مهند هنا يمتلك مقومات الشاعر القادر على اجتراح القصيدة المتفتحة كوردة وحشية، حيث تميز اللغة، والإيقاع، والسبك، والصورة، وهو شاعر متأمل قادر على استخراج المعنى البكر غير المسبوق من الحياة اليومية الفائضة بقدرة أغبطه عليها. وشدد المتوكل طه على أهمية امتلاك ذويب لصوته الخاص، "رغم أنه لم ينج تماماً من مسّ درويش .. نجا منه في غالبية مواقع المجموعة الشعرية، لكنه بقي كالغبش الناعم"، لافتاً إلى أن "إيقاع القصائد هنا سويّ، وإيقاعه الداخلي على خفوته ظاهر متفجر وأحياناً يكون لديه دويّه الخاص، وإن كان ثمة بعض الكسور العروضية تغفرلها له تجربته الأولى", وأضاف "ثمة فلسفة عميقة مبكرة وملفتة، وقدرة على النفاذ إلى قلب الأشياء، ليستنطقها، ويعرّفها أو يعيد تعريفها، ويستل منها ورداً يقدمه للمتلقي، ليؤكد على قدرته في التقاط لبّ الكستناء من القشرة بشاعرية". "الحالة الوطنية بعموميتها ومفرداتها بأوجاعها وآلامها وتطلعاتها وأحلامها، تتماهى في قصائد هذه المجموعة بعد تجريدها من المباشرة والخطابية"، أشار طه، ليؤكد "قصيدة مهند نص مثقف، وهاضم للتراث بكل مكوّناته إلى حد كبير، وثمة معرفة مكّنته بالمعنى الجمالي من استحضار مرجعياته، ليعجنها ويبثّها بلغة أنيقة في قصيدته التي لا تخلو من غموض يبتعد عن الإبهام، وهو غموض يتأتى من معرفة زاخرة، وتكرار واع مدرك تتحول تبعاً له الكلمات إلى ثيمات، بحيث يعلو بالمفردة ويشحنها لتكوّن موضوعاً، كما أنه متأمل وساع إلى الحكمة عبر التكثيف، ويمتلك حساسيّة مرهفة". وأكد الشاعر المتوكل طه أن المخرج "الاستدراك"، قدم كاتباً عميق الرؤية، ليختم: بظني أن هذا المهند عاش في حياة أخرى، وكان فيها أيضاً شاعراً متميزاً.