سياسة بريطانيا الخارجية تجاه فرنسا في أوربا (1756-1815)

• سنة النشر: 01 Jan 1970.
• عدد مرات التحميل: 502882 مرّة / مرات.
• تم نشره في: الإثنين , 14 ديسمبر 2015م.

وصف الكتاب:

شهدت أوربا خلال القرن الثامن عشر تطورات سياسية وإقتصادية وإجتماعية مؤثرة، أثرت على نحو بيّن على طبيعة العلاقات الدولية، فكانت أوربا، على الرغم من تنامي التنافس الاستعماري في المستعمرات، محوراً أساسياً ومفصلياً لتحديد بروز هذه القوة أو تلك. ووفقاً لهذه الأهمية للقرن الثامن عشر يتناول الكتاب: "سياسة بريطانيا الخارجية تجاه فرنسا في أوربا 1756-1815" مرحلة من أهم مراحل الصراع الدولي في تاريخ العالم عامة وأوربا خاصة، لما نتج عنه من تغييرات قدّر لها إن تكون بالنتيجة نهاية لعهد مهم من العلاقات الدولية وبداية لعهد جديد آخر لا يقل أهمية عنه، إذ إن التسابق على التوسع الإستعماري، وتوسيع مناطق النفوذ، ومحاولات السيطرة على موارد الثروات، والمواد الأولية الضرورية للنهوض الأوربي الصناعي والتجاري، أدى بإوربا للسير بخطى سريعة نحو الصدام الداخلي الذي طالت شظاياه مختلف البلدان، وخلف آثاراً مدمرة في العلاقة بين دولها وخلخل توازن القوى فيها. تأتي أهمية هذا الكتاب في أنه تناول موضوعا رئيساً في محور السياسة الأوربية الحديثة، أثر وبوضوح في تاريخ أوربا الحديث وتطوره، فسياسة بريطانيا تجاه فرنسا في أوربا خلال هذه المرحلة التاريخية، وهما قطبي الصراع المركزي فيها، شكل رهاناً كبيراً بين تحقيق هيمنة فرنسية على أوربا أو تحقيق توازن سياسي فيها. فأرادت فرنسا أن تكون لها السيطرة على أوربا وتصبح سيدة فيها، بينما رغبت بريطانيا في إقامة نظام متوازن يضمن للجميع حماية متبادلة. وكانت القوة وحدها هي القادرة على تقرير مستقبل هذه المفاهيم المتعارضة. لذا أصبح الصراع بينهما أمراً حتميا. ولم يقتصر ذلك الصراع على بريطانيا وفرنسا فحسب، بل شمل سائر دول أوربا ومستعمراتها في الخارج. فالمصالح الإستعمارية وسياسة التحالفات الدولية جعلت أغلبية الدول الأوربية أطرافا في ذلك الصراع، الذي لم تواجه بريطانيا فيه فرنسا بمفردها، بل كانت تواجهها ضمن تحالفات عسكرية منظمة مع دول أوربية أخرى، وكانت فرنسا تسعى. جاهدةً، من جهتها، لكسب الحلفاء إلى جانبها. ومن جهتها افتقرت بريطانيا إلى قوة عسكرية برية قادرة على خلق فرص إستراتيجية لها في القارة، ومن دون حلفاء فإنها لا قوة لها في شن حرب على فرنسا في القارة، لذا لجأت إلى الدبلوماسية وسياسة الإعانات المالية لدعم حلفائها في أوربا. غطت المدة الزمنية للكتاب أحداث ستين عاماً من التطورات المتداخلة والمعقدة في تاريخ العلاقات الدولية (1756 – 1815)، وهي مرحلة مثيرة للإهتمام، صاغت وبوضوح تاريخ أوربا الحديث وأثرت في المجتمعات الأوربية. وتميزت هذه المرحلة بإتساع ميدان السياسة الخارجية إلى حد كبير، فلم تعد مسارح الحرب فيها مقتصرة على أوربا الوسطى والغربية فحسب، بل إمتدت ميادين الحرب إلى شرق أوربا والعالم الجديد وجنوب آسيا (الهند). بدأت المدة الزمنية للكتاب بحدث من أهم وأبرز أحداث القرن الثامن عشر، وهو حرب السنوات السبع (1756-1763)، التي كانت في نظر الكثير من المؤرخين بمثابة حرب عالمية، لشمولها ولإتساع ميادينها، إذ إشتركت في هذه الحرب أغلب دول أوربا التي تجاذبتها المصالح والغايات المختلفة، وبالطبع كانت بريطانيا وفرنسا مراكز الإستقطاب في كلا المعسكرين المتصارعين. وعلى الرغم من أن هذه الحرب نشبت حول مسألة أوربية، إلا إن التنافسين الإستعماري والتجاري والتسابق للحصول على مناطق النفوذ في العالم كان الوجه الآخر لتلك الحرب، لذا لم يقتصر مسرحيها السياسي والعسكري على أوربا فحسب، بل تجاوزتهما إلى القارات الأخرى: أمريكا وآسيا وأفريقيا. وبذلك إنتفت الصفة الأوربية للحرب لتصبح حربا عالمية حقاً. وتنتهي المدة الزمنية بحدث لا يقل أهمية عن بدايتها، إلا وهو مؤتمر فينا عام 1815، الذي يعد من أكبر المؤتمرات الدولية بعد مؤتمر ويستفاليا عام 1648.ففي هذا المؤتمر، جرت محاولة من أجل إعادة ترتيب الشؤون الأوربية بعد مدة من الحروب المتواصلة (الحروب النابليونية)، ومحاولة هدفت إلى إعادة رسم خارطة أوربا من قبل سياسيين كانت الثورة الفرنسية في نظرهم من أكبر الأخطار التي تهدد أوربا. وبين الحدثين جرت أحداث مهمة غيرت مجرى التاريخ الأوربي سياسيا وإقتصاديا وفكريا وإجتماعيا، لعل أبرزها الثورة الفرنسية عام1789، مع ما نتج عنها من مؤثرات ونتائج كبرى وعلى مختلف الصعد، شكلت منعطفاً أساسيا في تاريخ أوربا الحديث وأحدثت إنعكاسات غيرت مجرى الحياة السياسية والفكرية في أوربا. فكانت أهم الأحداث المؤثرة آنذاك، إذ لم تتأثر بها فرنسا فحسب، بل شمل تأثيرها أوربا والعالم كله.ثم كانت التحالفات الدولية، وهي السمة المميزة للصراع الدولي خلال مرحلة الدراسة، فتشكيل أربعة تحالفات دولية للأعوام (1793-1815) (التحالف الأوربي الأول1793-1797، والتحالف الأوربي الثاني1799-1802، والتحالف الأوربي الثالث 1805-1807، والتحالف الأوربي الرابع 1813-1815 )، جعل الحروب ترتدي طابع المواجهة بين معسكرات مختلفة التركيب من حلفاء تجمعوا بدوافع وضغوط من حوافز مختلفة. وكثيراً ما كانت تنهار هذه التحالفات بسبب مصالح الحلفاء المتعارضة، ورغبتهم في الحصول على المكتسبات أكثر من رغبتهم في تحقيق أهداف الحلف. وكانت فترات منفصلة من السلم تحطم هذه التحالفات أحياناً، وإن معاهدات السلام كانت إتفاقات ثنائية عموماً، وكان ثمن الهزيمة متنوعا حتى بين الحلفاء المهزومين. ثم أن هذه التحالفات كلفت بريطانيا كثيراً، إذ دعمت بواسطة آلية الإعانات المالية. وجاءت الحملة الفرنسية على مصر عام (1798-1801)، لتضع بريطانيا أمام تحد صعب هدد مصالحها الحيوية في الشرق.ولم تكن الحرب الإقتصادية أقل أهمية من تلك الأحداث المهمة التي واجهت السياسة البريطانية تجاه فرنسا في أوربا، فالحصار القاري الذي أراد نابليون بونابرت أن يكون السلاح الأساسي لمعركته ضد بريطانيا أثبت عدم جدارته أمام القوة الإقتصادية البريطانية، فإنقلب تأثير الحصار على نابليون نفسه وتخلى عنه حلفاؤه في أول فرصة سنحت لهم. فضلا عن أحداث كثيرة ذات أهمية كبيرة لا مجال لذكرها هنا يمكن تتبعها في فصول الكتاب. يطرح الكتاب إشكالية مهمة، وهي أن سياسة بريطانيا تجاه فرنسا كانت جزءاً أساسيا من صراعهما في المستعمرات، إلا أن القارة الأوربية كانت حاضرة في تفكير غالبية السياسيين البريطانيين. فمهما كانت المكاسب المتحققة لبريطانيا في المستعمرات، فإنها لا تساوي شيئاً أمام خسارتها لمكانتها في داخل القارة الأوربية. ووفقا لذلك، كانت سياستها في أوربا متناغمة وإنعكاساً لمواقفها وتحركاتها في المستعمرات الأميركية أو في آسيا . وكان رد الفعل الفرنسي على المواقف البريطانية مشاغلتها قدر ما تستطيع لتحقيق مكاسب لها خارج القارة الأوربية. وهكذا ،حاول كل منهما_ بريطانيا وفرنسا_، أن تعوض ضعفها في الجانبين البحري والبري، لتحقيق نوع من الموازنة. هذه العلاقة المترابطة بين مكونات الإشكالية الحالية سيكون موضوع إهتمام هذا العمل الأكاديمي. بمعنى أن أوربا شكلت مقياساً أساسيا لتحديد الموقف البريطاني من التحركات الفرنسية في المدة موضوعة البحث، وعاملاً أساسياً لمساومة فرنسا لبريطانيا على مستعمراتها فيما وراء البحار. وما عدا معاهدة صلح إميان عام 1802 ، التي كانت في الواقع هدنة عسكرية لبضعة أشهر، لم تكن هناك أية معاهدة سياسية أو تجارية من أي نوع بين الطرفين. فكانت نظرة كل دولة إلى الأخرى نظرة إرتياب وقلق، وكانت بريطانيا تعد فرنسا العدو والمنافس الأول لها سواء في أوربا أو خارجها، وكان صراعهما في أوربا إمتداد لصراعهما في المستعمرات في شبه القارة الهندية والمحيط الهندي ، وفي أمريكا الشمالية وجزر الهند الغربية، ومحاولة كل منهما للسيطرة على الطرق الحيوية، ولكون الطرفين متكافئين بالقوة، البحرية والبرية، كان الصراع بينهما طويلا ومنهكا. فكان البريطانيون أسياد البحر، بينما كان الفرنسيون أسياد البر. يتكون الكتاب من تمهيد وأربعة فصول، سبقتها مقدمة وأعقبتها خاتمة وقائمة بالمصادر والمراجع. تناول التمهيد لمحة موجزة عن سياسة بريطانيا تجاه فرنسا منذ تولي عائلة هانوفر الألمانية العرش البريطاني في عام 1714حتى نشوب حرب السنوات السبع عام 1756. تناول الفصل الأول سياسة بريطانيا تجاه فرنسا خلال حرب السنوات السبع 1756-1763، وكرس الفصل الثاني للبحث في سياسة بريطانيا تجاه فرنسا الثورية 1789-1797، وتناول الفصل الثالث تصاعد المواقف البريطانية تجاه فرنسا الثورية ( 1797-1803)، أما الفصل الرابع والأخير فقد درس سياسة بريطانيا خلال الحروب النابليونية 1803-1815