وصف الكتاب:
أن يلتفت باحث إلى موضوع جديد كالسير الذاتية في الأندلس، فهذا يعني فطنته، ويدل على نباهته ودقة ملاحظته، لأن فن السير الذاتية في الأندلس قد يلتبس على القارئ، فيظنه نصاً تاريخياً، أو رسالة أدبية، أو صورة من صور كتب التراجم والرجال، أو شكلاً من أشكال كتب الرحلات، أو فهرساً من فهارس الشيوخ، أو برنامجاً مما يسمى برامج العلماء أو الشيوخ، وما أكثرها في الأندلس. إلا أن كتب السير الذاتية تنتظمها في واقع الحال خصائص تجعلها تندرج تحت مسمى جنس أدبي محدد، هو أقرب ما يكون في الوقت الحاضر إلى فن السيرة الذاتية، وإن كانت تختلف قليلاً عن أعمال السيرة الذاتية في صورتها المعاصرة، إلا أنها تشتمل على أكثر عناصرها، ويمكن أن تعد نواة وبداية حقيقية وصالحة لهذا الفن. لقد تنبهت الباحثة الدكتورة فاطمة الرواشدة بفطنتها ودقة نظرها إلى تحقق شروط فن السيرة الذاتية في عدد من النصوص التراثية ذات العلامات الفارقة التي وصلت إلينا من الأندلس. ومنها كتاب طوق الحمامة لابن حزم الأندلسي، وهو الكتاب الذي عده كثير من الدارين من كتب الإعترافات، ومنها كتاب التبيان مذكرات الأمير عبد الله بن بلقين أمير غرناطة في زمن ملوك الطوائف، وقد نحا فيه كاتبه منحى تاريخياً، ومنها ما ورد في آخر كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة للسان الدين بن الخطيب من ترجمة ذاتية قام بها المؤلف لنفسه، بالإضافة إلى نصوص أخرى اختلطت فيها الرحلة بالترجمة الذاتية.