وصف الكتاب:
سوف نحاول خلال هذا الكتاب أن نناقش فروضاً عديدة، أو نحاول الإجابة عن تساؤلات يمكن أن تدور في ذهن الباحث الأنثروبولوجي حول موضوع القرابة من جهة، والبنائية من جهة أخرى، مثل تساؤلنا عن الأصول الأولى التي تعود إليها نظرية القرابة، ومفهوم البناء والبنائية، والبنائية مذهب أم منهج، وإلى أي حد طبق "ليفي- ستروس" بنائيته على نسق القرابة، ولم درس القرابة بالذات وخصها بكتاب من أضخم كتبه، وهل تصلح نظرية "ليفي- ستروس" للتطبيق على مجتمعات غير المجتمعات التي قام بدراستها، من حيث اعتماد القرابة في كل مجتمع على أسس إجتماعية وإقتصادية وسياسية قد تختلف من مجتمع لآخر، ثم نتساءل أخيراً عن رأي المعاصرين في فكر "ليفي- ستروس" ومنهجه، مثل هذه التساؤلات وما قد يرتبط بها من موضوعات سوف يثار الجدل حولها ونحاول الإجابة عليها لذلك سوف نبدأ بحثنا بمقدمة عامة عن نظرية القرابة نتناول من خلالها الاتجاهين الكلاسيكي والحديث في دراسة القرابة، وأحسب أن هذه المقدمة ذات أهمية، طالما أننا مقدمون على عرض نظرية متميزة متكاملة. ألا أننا قبل أن نعرض لهذه النظرية علينا أن نعرض لصاحبها حيث نشير إلى الأصول والاتجاهات التي استقى منها "ليفي- ستروس" أفكاره عن البنائية وخاصة اللغويات والتحليل النفسي والجيولوجيا والماركسية، ومدى تأثير هذه الاتجاهات في نظريته عن القرابة، وفي الفصل الثالث نتناول بالتحليل كتابة الأبنية الأولية للقرابة، أما البحث الأساسي في الكتاب وهو "التبادل" فسوف نشير إلى نوعيه: المحدد والعام، محاولين الكشف عن الأصول التي رجع إليها "ليفي- ستروس" عندما أقام نظريته في التبادل، أم الدراسة التطبيقية التي لاحظنا أنها تعد تطبيقاً لنظرية "ليفي- ستروس"، فقد قام بها فريق من الباحثين بقيادة "كويرينية" لدراسة نظام القرابة في تونس ما بين عامي 1956- 1976، شملت العديد من المسوح والدراسات كان أهمها بالنسبة لبحثنا الدراسة الميدانية التي تناولت أسباب الانقسامات القبلية في إطار خصائص بنائية لنسق التبادل الزواجي، مع الاهتمام على وجه الخصوص بالزواج الإندوماجي في خط القرابة العاصبة، أما الفصل الأخير من كتابنا فجاء بمثابة تقييم للبنائية عند "ليفي- ستروس" على وجه الخصوص، وعرض لأوجه الشبه والاختلاف بينه وبين الاتجاهات البنائية الاخرى وخاصة معشوقاته الثلاث: الجيولوجيا، التحليل النفسي، الماركسية، ورفضه للمذاهب التاريخية والوظيفية والوجودية لنخلص في نهاية هذا الفصل للسمات الأساسية لبنائية "ليفي- ستروس"، أما المنهج الذي سوف يتبع في ذلك فيقوم أساساً على الدراسة النقدية لأهم كتابات "ليفي- ستروس"- في المحل الأول- مع التركيز الخاص على كتابه "الأبنية الأولية للقرابة" وكذلك الكتابات التي دارت حول تفكير "ليفي- ستروس" سواء تلك التي قبلت النظرية أو التي عارضتها بحيث نخرج في آخر الأمر بتلك الصورة المتكاملة عن "ليفي- ستروس" وبخاصة بالنسبة لدراسة القرابة في الفكر الانثروبولوجي.