وصف الكتاب:
ما أريد أن أُنبه إليه أنني لا أكتب تاريخًا، كما لا أكتب مشاهدات تفصيلية عاينتها، لكنني أكتب بقايا وآثار تلك المشاهدات، وما ترَكتْه في نفسي وتكويني، وبعض ما حكاه لي أبي وأقاربي، وكان لِزامًا عليَّ أن أسرده لأنه مؤثر في سَير الأحداث، هو شهادة أدبية واجتماعية ونفسية وروحية رأيت من واجبي تسجيلها كما أحتفظ بها لتكون مادة لغيري، ربما لدارسي علم الاجتماع أو علم النفس أو الأنثروبولوجيا والتراث الشعبي، أو حتى لكُتَّاب القصة والرواية والدراما بأنواعها. كثيرون من أصدقائي الذين أثقُ بهم تحدثوا معي لأتريث وأوّظف تلك المادة الخام في كتابة عمل أدبي مهم؛ فالأمر لا يحتاج سوى بعض التهذيب والتقديم والتأخير، وربما إضفاء مسحة ما سحرية، وبعض الأحداث والشخصيات، مع ترتيب الحوادث بمنطق تصاعدي يعرفه الروائيون، خصوصًا أن لي تجربتَيْن روائيتَيْن قبلًا، لكنني لم أهتم بذلك، وربما رأيت أن هذا التسجيل الصادق غير المُرتب أهم من رواية، وأكثر صدقًا وواقعية وتأثيرًا، ويخدم الباحثين عن مفردات الواقع في تلك الفترة، في تلك البقعة، خدمةً كبرى.