وصف الكتاب:
لا جدال في كون الأمة العربية التي تتحفز لتنباع وتستوفز لتمد طائل الباع، لم تكن لتحدث نفسها بالنهوض الذي جعلته نصب نواظرها، والاتحاد الذي سيّرته شغل خواطرها لو لم تكن رقَّت من رئاسة الممالك فيما غبر هاتيك الدرجات العالية، وطالعت من تاريخها تلك الصفحات المتلالية فجعلت الحاضر منها يخجل أن يقصر عن شأو الغابر، ويستطار أن يعلم أباه سيدًا في الأوائل وهو عبد في الأواخر، فكان إذن تاريخ العرب هو عمدة العرب فيما يطمحون إليه من معالٍ، ووسيلتهم فيما يندفعون إلى تحقيقه من آمال، إن هذا التاريخ المجيد وإن سقته سيول المحابر واخضرَّت له أعواد المنابر، وسبقت فيه تآليف استولى أصحابها على الأمد إخراجًا، ولمعت فيه كتب أو لاحت لكانت بروجًا، ولو نضدت لكانت أبراجًا، لا تزال فيه نواقص بادية العوار ومعالم طامسة الآثار، ومظانّ متوارية غامضة، ومعلومات قاعدة غير ناهضة، تحتاج إلى همم بعيدة من الأفواج الآتية ليثيروا من دفائنها، وإلى معارف واسعة عند السلائل المقبلة لينثلوا من كنائنها .