وصف الكتاب:
يعد التمثيل المسرحي من المهن الفنية التي تتطلب إبداعا على مستوى عال من الإتقان, حيث يقدم الممثل شخصيته المسرحية أمام الجمهور ويقدم لهم جسده وصوته للتعريف بشخصية الدور المسرحي الذي يؤديه, وطالما إن التمارين على أداء الممثل للشخصية في العرض المسرحي تنوعت حسب الثقافات التي ينطلق منها مفهوم فن المسرح ودوره في المجتمع, فقد تعددت هذه التمارين والتحضيرات التي يقوم بها الممثل المسرحي واختلفت فيما بينها على الطريقة الأمثل للوصول بالممثل إلى أداء أفضل للشخصية في العرض المسرحي, ولقد التزم الممثل في المسرح العالمي بطرق كثيرة على مر تاريخ العروض المسرحية بداية من الإغريق إلى المسرح المعاصر, وقد تميزت هذه الطرق بعضها عن البعض الآخر بالكيفية التي تراها أكثر ملائمة لكي تساعد الممثل على أداءه في العرض المسرحي, لكن هذه الطرق مجتمعة لم تغفل أهمية تمرينات الممثل على صوته وجسده بوصفهما الوسط الذي تنتقل من خلاله الشخصية المسرحية إلى الجمهور, ولم تغفل طرق ومذاهب ومدارس التمثيل المسرحي أهمية اعتماد الممثل على إبداعه وخياله في أداء الشخصية الممثلة في العرض المسرحي. تعتبر التقنية التي ابتكرها الممثل والمنظر لفن التمثيل المعاصر سانفورد ميسنر من ابرز التحولات في عمل الممثل المسرحي العالمي, وان معاصرة ميسنر لمشاكل الممثل ومتطلبات فن التمثيل المعاصر جاءت على صيغة تقنية بما يتلاءم وعصر التقنيات عامة والمسرحية منها خاصة, ولأن المسرح العراقي اتخذ من اتجاهات الإخراج والتمثيل الكثير على تعددها وتنوعها لكي يصل إلى جمهوره مواكبا لتقنيات العرض المسرحي المعاصرة, لذلك تتجلى أهمية هكذا بحث أكاديمي في انه يتعرض لدراسة تقنية ميسنر لإعداد الممثل وتطبيقاتها في تمرينات المسرح العالمي والعراقي, بوصفها من احدث الابتكارات في مجال فن التمثيل المسرحي, حيث إن المشاكل التي تواجه الممثل في عملية إعداده وأداءه للشخصية المسرحية غالبا ما تكون متشابهة, حتى إن الملاحظ لتاريخ المسرح العالمي يرى كيف أن ابتكار الحلول لهذه المشاكل بغض النظر عن تنوع الثقافات التي تنطلق على أساسها المسارح, تكون متشابهة في بعض الأحيان, على الرغم من عدم وجود أدلة تاريخية وثقافية تؤكد وجود تواصل بين هذه المسارح. فضلا عن ذلك تزويد المكتبات الخاصة بالبحوث والدراسات المسرحية بما هو جديد على مستوى فن التمثيل, فتقنية ميسنر لم يشهد أن تم ترجمة كتاب واحد عنها وذلك على مستوى الوطن العربي, وقد يكون من أسباب هذا التأخر في التواصل مع احدث الابتكارات المسرحية على مستوى فن التمثيل ذلك الاعتماد الكامل على مناهج معينة دون غيرها بوصفها متوافقة ومتطلبات المسرح في الوطن العربي, أو أن النتاج النظري في مجال الكتب والمجلات والبحوث والدراسات المسرحية يحتاج لرؤية تنموية على مستوى الدول ودور الترجمة والطباعة والنشر, ولأن ثمرة التغيرات السياسية التي صاحبت فترة من الحروب والأحتلالات والثورات الشعبية, لم تأتي ثمارها بعد على صعيد البدا بمشروع نهضة في التلاقح الفكري ما بين الثقافات العربية على مستوى الآداب والفنون ومابين أوربا وأميركا تحديدا, كما كانت المشاريع العملاقة للهيئة العامة للكتاب في مصر ودور النشر في العراق وغيرها من مشاريع عواصم عربية كبيروت ودمشق, إبان فترة الستينيات والسبعينيات, والتي وفرت للباحثين والقراء العرب نوافذ على ثقافة الآخر, أصبحت المحاولات الفردية على ندرتها لنقل تجارب الغرب ومحاولة الاستفادة بكل ما هو مفيد منها, هي ما يتم ملاحظته بين الحين والآخر في المكتبة العربية, فضلا عن ذلك ندرة في زيارات للفرق المسرحية الغربية وورش إعداد الممثل المسرحي المشتركة وأساتذة فن التمثيل العالميين, وأيضا ندرة البعثات والزمالات البحثية للطلبة الراغبين بالاختصاص في فن التمثيل المسرحي, فضلا عن ذلك ان هذا البحث يفيد المختصين في مجال الفنون المسرحية ( التمثيل ) في تنمية مهارات أداءهم للتواصل الواقعي فيما بينهم من على خشبة المسرح, ويمكن اعتبار هذه الدراسة من الدراسات المساهمة في تنمية قدرة الممثل المسرحي على تلقائية الأداء التمثيلي من على خشبة المسرح, وهو محاولة لتحديد تعريف لتقنية ميسنر لأعداد الممثل المسرحي: بوصفها مجموعة تمرينات يقوم بها الممثل بإشراف المخرج تهدف إلى تحقيق واقعية أداء فعل الممثل من على خشبة المسرح. تعتبر تقنية ميسنر لأعداد الممثل المسرحي من أكثر النظريات شيوعا في مجال فن التمثيل المعاصر, ومن هنا عنيت الدراسة في البحث الحالي بتقنية ميسنر وتطبيقاتها في تمارين المسرح العراقي, إذ جاءت في أربعة فصول. تناول الفصل الأول الإطار المنهجي للبحث, إذ ضمّ مشكلة البحث والتي حُدّدت بالاستفهام الآتي: ما تقنية ميسنر لإعداد الممثل وتطبيقاتها في تمرينات المسرح العراقي؟, تكمن أهمية البحث في كونه يُسلّط الضوء على تقنية ميسنر لإعداد الممثل, وقد تمحور هدف البحث في:التعرف على تقنية ميسنر لإعداد الممثل وتطبيقاتها بقصديه أو بدون قصديه في تمرينات المسرح العراقي. أما الفصل الثاني فقد احتوى الإطار النظري للبحث والدراسات السابقة, وتضمّن اثنين من المباحث, عني الأول بتقنية ميسنر لإعداد الممثل المسرحي, وجاء المبحث الثاني تحت عنوان تطبيقيات تقنية ميسنر في تمرينات الممثل المسرحي, وانتهى الفصل الثاني بالمؤشرات التي أسفر عنها الإطار النظري, ومن بعده الدراسات السابقة. ضم الفصل الثالث إجراءات البحث, متمثلة بمجتمع البحث المتكوّن من (5) عينات لتمرينات عروض المسرح العراقي, قام الباحث باختيار (3) ثلاثة منها فقط بوصفها نماذج مختارة, اعتمد الباحث على المنهج الوصفي التحليلي وذلك لملائمة هدف البحث, اقتدى الباحث بالمؤشرات التي أسفر عنها الإطار النظري بوصفها معايير تحليلية فضلاً عن توفر تجربة الباحث الشخصية والمقابلات. انجز البحث ضمن آاليات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية, جامعة بابل / كلية الفنون الجميلة, قسم الفنون المسرحية, الدراسات العليا, دكتوراه / تمثيل, والبحث قدم إلى لجنة السيمنار من قبل الطالب سرمد سليم عباس, بعنوان تقنية ميسنر لإعداد الممثل وتطبيقاتها في تمرينات المسرح العراقي, بإشراف كل من الأساتذة الأفاضل أ.د حميد علي حسون, أ.د هدى هاشم محمد, أ.م.د حيدر جواد العميدي, أ.م.د عماد صاحب حسين, أم.د كاظم جبارة سلطان, للعام الدراسي 2014م