وصف الكتاب:
حين وصف الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) العشيرة لأحد رجاله بأنها (جناحك الذي به تطير وعشك الذي إليه تصير) وهو العالم بمفاعلات القوة ومكامن العزة في المجتمع العربي الإسلامي، فإنما أراد بذلك وضع القواعد الراسخة في علاقة الإنسان بمحيطه القريب على أسس من التكافؤ والتكامل الإنساني الحضاري الذي يكفل القوة والمنعة للجميع أمام نوازع الشر والغطرسة والتفوق الكمي والنوعي؟ وهذا ليس من باب الاستقراء، أو عرض العضلات، أو سباق التسلح للتجاوز على الآخر واستضعافه وهزيمته؛ إنما لإشعار الفرد بقوة المجموع، والخروج من الأنانية والفردية والنرجسية للذوبان بالمجتمع الذي يتحمل كامل مسؤولياته أمام بعضه البعض، وهذا ما سعى إليه المؤلف في جهده العلمي هذا، لإبراز الوجه المضيء من قبيلة (عدوان) التي تشكل بدورها مع غيرها من القبائل دعامة أساسية في بناء المجتمع للحفاظ على كينونته وتكوينه ومكوناته. وإلى هذا، فهي قليلة جداً المصادر والكتب التي اختصت بذكر قبيلة العدوان وأشارت لها (إلّا بعض الكتب القليلة التي جاء المؤلف على ذكرها في متن الكتاب) برغم عراقة وأصالة تلك القبيلة التي سادت العرب العدنانية في حقبة من حقب قبل الإسلام، وكان لها دور بارز في صدر الرسالة المحمدية السمحاء ، فتركت على مر العصور والأزمات بصمة وأثراً واضحاً نتج عنه خلود اسم عدوان وأبنائه. لذا فإن أي بحث وتحقيق مهما كان بمثابة ماء نزل من، السماء ومهما كان طاهراً رويّاً، لا يستطيع أن يخرج من الأرض شيئاً ما لم تكن الأرض مليئة في داخلها بأنواع البذور. ويشير المؤلف بأنه، لولا أن أجداده من بني عدوان ملأوا الأرض آثاراً من مختلف أنواعها حكمة دعوة وإصلاحاً وعرفاناً بالله وجهاداً ونضالاً ورباطاً… ما كانوا ليصلوا إلى شيء، أو يكون لعمله هذا أي معنى، فلو عاش أبناء قبيلة عدوان بين الناس أغماراً متوارين، ما كانوا ليُدروا أو يعرفوا، لكنهم أصروا دائماً في كل جيل وفي كل أرض نزلوها أن يتركوا عليها آثارهم… لكن للأسف لم يجد المؤلف من يسلط الضوء على قبيلته العدوان؛ بل، أكثر من ذلك ، يجد أن معظم القبائل والعشائر العربية لا تعرف عن قبيلة العدوان إلّا ما ندر؛ بل ذهب الأمر ببعض النسّابة المتأخرين إلى أدراجه قبيلة عدوان، إما لجهله، أو لقلة المعلومات المتوفرة لديه، كجزء أو فرع أو ملحق لقبائل أخرى، لا تمت لقبيلة عدوان بصلة قرابة ضمن الأجداد. ويشيد قائلاً: «نحن عدوان العز والأصالة المتجذر تاريخه الوضاء في عمق التاريخ العربي والإسلامي الأصيل لا نقبل أن نكون هامشاً في صحائف الغير أو فرعاً ألصق (تطعيماً) على مشجرة قبيلة أخرى، مع جلّ احترامنا وتقديرنا للغير بعد أن كنا أعلاماً وقادة وحكماء»، الأمر الذي حدا به للبحث والتنقيب والمطالعة والتحقيق في أصل قبيلته الكريم (العدوان). وأذهله، وأخذ لبه ما توصل إليه من فخامة وهيبة وشرف وأصالة ذلك اللقب. إذ تعدّ قبيلة عدوان أخوال الدوحة المحمدية السمحاء؛ لأن منها ثلاث من جدات النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وسلم) (العواتك الخامسة والسابعة والحادية عشر(، وأخوال القبائل القيسية التي انحدرت من عامر بن صعصعة،.. ومنهم من ساهم في بيعة العقبة الأولى، ومنهم من رواة الحديث النبي الشريف… الخ. لذا عمد إلى تدوينه كل ذلك وأكثر من نسب قبيلته عدوان علّه يخدم أهله وأبناء قبيلته الكرام، مشيراً إلى أن القارئ من أبناء عدوان من خارج العراق قد يجد أن جزءاً كبيراً من المعلومات التي في هذا الكتاب معروفة لديه؛ لكن الكتاب موجه لأهله عدوان العراق، حيث لا يعلمون عن قبيلتهم إلّا معلومات قليلة، فيكون أحد أسباب لمّ الشمل والعودة عن دوامة التيه والفرقة، ليجدوا فنار ونبراس عدوان مضيئاً في عتمة مسار من تاه في بحار التغرب وفقدان المعرفة بأصله. فكان أن بيّن في كتابه هذا كل ما يتعلق بهذه القبيلة (عدوان) القبيلة القيسية المضرية المتأصلة في عمق التاريخ: نسبها – تاريخها – ديارها – أعلامها – عاداتها وتقاليدها.