وصف الكتاب:
الإعلام أداة تفاهم تقوم على تنظيم التفاعل بين الناس، ويُكوّن في المجتمع المواقف والاتجاهات، ويُغيّر القناعات والسلوك، وهو خطاب عام كما هو التعليم والوعظ تماماً، لذا لا بد من إيضاح خصائص الإعلام العام وما يميزه، فالإعلام يتميز: 1- بجمهوره غير المتسق، فهو منوّع في الأعمار والثقافة والمنطقة الجغرافية، فالتعليم يخاطب فيه المعلِّم جمهوراً متسقاً في أعماره وخلفيته الثقافية، والواعظ يخاطب منطقة جغرافية محدودة بمسجد أو مجلس؛ لذا احتاج الإعلام العام لخطاب يتكيف مع طبيعة الجمهور المنوع. 2- بالدافعية غير المتوائمة، فيتابع الإعلام المحب والمبغض والمستفيد والمترصِّد والمقتنع والمستكبر، في حين تكون دافعية التعليم رفع الجهل والحصول على الشهادة؛ لذا يستمع للمعلم والواعظ من يريد الفائدة ويجتهد في استيعاب الألفاظ، بينما على الإعلام أن يخاطب تنّوع دافعية جمهوره. 3- بأسلوبه غير المباشر في عرض الأفكار والآراء، فالمعلم والواعظ غير المباشر يُتَهم بالغموض وضعف إيصال المعلومة، في حين أن الإعلام المباشر يضعف الرسالة والتأثير، وكلما كانت الرسالة الإعلامية بعيدة عن الأساليب المباشرة كان تأثيرها أكبر؛ لذا تُعد الدراما من أنجع أساليب التأثير الإعلامي. 4- بمرجعيته غير الثابتة، حيث يعتمد الإعلام على العرض العام الذي لا يضع مرجعية غير التأثير بخلاف التعليم والوعظ والقرار الإداري وغيره... التي تعتمد على المرجعية ودقة العبارة، ومجال الرأي فيها ضيّق جداً؛ لذا يصطبغ الإعلام دائماً بأنه وجهة نظر لكنها مؤثرة. تأثير الإعلام في وحدة الأمة: هذه الخصائص تجعل المسؤولية الإعلامية مختلفة تماماً عن التعليم والوعظ والقرار الإداري؛ لأن له طبيعة تلقّي مختلفة لا يؤثر إلا بها، كما أن التعليم والوعظ والإدارة لن تؤثر إذا كانت تعمل وفق أُسس الإعلام. إنّ (وحدة الأمة) مشروع كبير بحاجة إلى تنوّع المعالجة في الوصول إليه، لكن يجب أن تتفاوت الأدوار بحسب الوسائل، فدور التعليم والخطب والمواعظ في هذا المشروع يجب أن يختلف عن دور الإعلام، وكذا دور الاقتصادي والباحث والسياسي وغيره. إن معرفة الإعلامي لدوره ومساحة تأثيره تُتيح له فرصاً من النجاح أكبر، وأن القفز على مهام غيره يضعف تأثيره ولو كان يرى تقصيراً واضحاً في مجال غيره، فلن يستطيع الإعلام أن يؤدي دور التعليم ولا دور السياسي ولا دور الهيئات العلمية والمجامع الفقهية، كما أنهم لن يستطيعوا القيام بدور الإعلام. دور الإعلام في وحدة الأمة له أساليبه وخصائصه متى ما تعاون الإعلاميون لأداء هذا الدور واستثمروا في هذا المجال تحققت خطوات كبيرة في الوحدة، ويستطيع الإعلام بمنتجاته أن يؤثر إعلامياً على مكونات المجتمع الأخرى دون أن يؤدي الدور عنها. الوحدة من منظور إعلامي: تأسرنا دائماً وحدة الأمة الذهنية التي تكون بحاكم واحد وبلد واحد جنسيته واحدة، هي وحدة مثالية بعيدة عنَّا على الأقل في هذا الزمن، فلا يمكن أن نتجاوز كل وحدة أخرى بل نعارض كل اتحاد من أجل هذه الوحدة الذهنية. إنّ دور الإعلام في الوحدة هو حشد الأمة نحو قضايا مشتركة تحقق المصلحة الشرعية للجميع، وقد تكون الوحدة وحدة العاملين للإسلام أفراداً ومؤسسات لها قضايا كبرى مشتركة ولها قضايا كثيرة فيها خلافيات.