وصف الكتاب:
في عصور ماقبل الاسلام كانت لمدينة تكريت توابع مدنية بشكل قرى حضرية او مستوطنات زراعية تتناثر في محيط مركزها ولقد جاء قيامها كنتيجة حتمية للتشظي المدني وللنمو الحضري لاجيال سكان تكريت ولكنها بفعل هرم الأزمنة وتقادم الحضارات قد اندثرت واندرست واليوم هي امست عبارة عن تلال وآكام ونذكر منها : 1. بلدة جبلتا: جبيلتا أو جبيلة، قرية أو بلدة الآراميين ثم السريان وهي تقع في مقاطعة بيث كرماي أو مقاطعة طيرهان وموضعها الحضري يجيء في شرقي دجلة على شفتها اليسرى شمالي تكريت أي قبالتها من طرفها الأعلى ويأتي اسمها في كتب العرب المسلمين مثل تاريخ الامم والملوك للطبري ونزهة المشتاق للإدريسي والمسالك والممالك لابن خرداذبة ومسالك الممالك للاصطخري بالصيغة ذاتها (جبلتا). أما في بعض كتب السريان ومنها كتاب كلدو وآثور لأدي شير فيأتي بصيغة كبيلتا. وأما خبرها كحاضرة فأنها كانت تعد من أشهر بلدات مقاطعة طيرهان الممتدة مابين سامراء والسن في الجانب الآخر لتكريت جاء عنها أنها كانت تضم دار سك وضرب للنقود الإسلامية ومدرسة للسريان وكنيسة للنصارى وأنها أنجبت بعض العلماء العرب من النصارى مثل المعلم الحكيم ربان باباي الملفان المجدد ومؤسس مدرسة جبيلتا والقديس مار قرياقوس الجبيلي رئيس دير بيث عابي واسقف مدينة بلد الموصل ولقد بقيت عامرة حتى مجيء المتوكل إذ استملكها لانجاز مشروع النهر الجعفري في سنة 860م . وموقعها الأثري اليوم لايعدو عندي إلا ان يكون تل السوق على الطريق القديم لناحية الخرجة. 2. بلدة حطارا: بلدة عتيقة كانت في الطرف الجنوبي الشرقي لقصبة تكريت في مقاطعة طيرهان. عدت من أشهر مدن طيرهان. وهي في عهد النفوذ الآرامي في العراق كما تذكر المؤلفات السريانية كانت إحدى الإمارات الآرامية الفاعلة إلى جانب إمارة حدياب وإمارة ميشان. وكان لها دور في الحرب الدائرة في سنة 194 بين ملوك الطوائف الرومانيين. ولعل من الأمور التي سجلت لبلدة أو إمارة حطارا أنها وقفت بوجه الجيوش الرومانية التي شددت الحصار عليها في عام 198م ولم تقدر على اقتحامها. ولقد أنجبت عددا من الأعلام يأتي من بينهم القديس مارن عمه المطرافوليط لكنها خربت في نهايات العصر العباسي وموقعها اليوم في تل هاطرى أسفل من تكريت في الجانب الآخر لدجلة، في جنوب قرية البو عجيل. 3. بلدة كاني: يذكر كسينفون مدينة كاني أو كايناي في مقاطعة أثور ويقول عنها إنها كانت كبيرة وغنية فلفظة كاني معناها الجديدة. وإنها لاتعدو إلا ان تكون المدينة التي تزود منها الجيش الإغريقي المعروف بحملة العشرة آلاف بالأرزاق والزاد والتي طابقها المستشرق الدكتور بارنيت مع قصبة تكريت أو مع إحدى ضواحيها واجد ان اسم منطقة الخنك شمالي تكريت لايعدو إلا ان يكون مشتقا من اسمها كونها تضم رسومها واسسها ولعل الأثر الذي تحتضنه ان هو إلا بقاياها. 4. بلدة كرمي: بلدة صغيرة مشهورة في كتب الأقدمين من النصارى العرب والسريان . تقع مقابل تكريت أو تتقدمها قليلا في الجانب الشرقي من نهر دجلة وموضعها بين قرية الخصاصة وبلدة جبلتا. سكنها السريان الذين هم من بقايا الجنس الآرامي وصارت مركز أسقفية أو أبرشية في عهد ماقبل الإسلام ومابعده واقترن اسمها مع اسم دجلة. جاء ذكرها كبلدة قديمة في كتب البلدانيين العرب وفي مقدمتهم ياقوت الحموي وابن عبد الحق كما جاء عنها في أخبار السريان في القرن العاشر الميلادي أنها كانت تمتلك برجا يقيم فيه المتروبولتيان شربل أسقف تكريت. وموضعها اليوم لايعدو عندي إلا ان يكون (تل أبو كدور) في منطقة البو عجيل. أما معنى اسمها عندي فينطوي على اسم احد حكام بيث كرماي من الاشوريين الذي كان اسمه كرمي والذي جاء تعيينه حاكما بأمر من سردنابال ملك آشور. 5.بلدتي الخصاصة: بلدتان صغيرتان متجاورتان تقعان في شرقي تكريت من الجهة اليسرى للنهر وموضعهما هو أسفل بلدة كرمي وفوق بلدة حطارا (هاطري). قد كانتا تشتهران بزراعة الكروم واسميهما بحسب رأيي مأخوذ من خصاصة الكرم. وقد عدت احداهما وهي السفلى في عهد ماقبل الإسلام مركز أسقفية وكان لها سبق في تبني المذهب المنوفستي لكونها ناصرت يعقوب البرادعي مؤسس هذا المذهب منذ عام 543م كما يذكر كتاب التاريخ السعردي ولقد استمرت كبلدة إلى مابعد الإسلام وتحديدا إلى عهد المتوكل إذ وردها ذكرها في أخبار 860م. وموقعها حسبما أرى هو مقبرة ألبو عجيل واما موقع الثانية(الخصاصة العليا) فهو تل نصيف. 6. بلدة الطيرهان: مقاطعة حضرية كانت في عهد ماقبل الإسلام ديار تركز الآراميين السريان وتتكون من عدة بلدات حضرية وقرى زراعية أبرزها بلدة جبلتا وقرية الخصاصة وبلدة كرمي وهي تمتد مابين تكريت وبين السن أي بارمان في قول أدي شير ومابين سامراء وتكريت في قول ابن سرابيون. ولقد أصبحت مركز أسقفية يعقوبية في عهد ترؤس تكريت لكنائس المشرق اليعقوبية إذ أسست أسقفيتها في سنة 628م . 7. بلدة قرونتا: قرونتا أو عقرونتا والتي تعني (القلعة الصغيرة) هي قرية قديمة مذكورة في كتب النصارى العرب والسريان. فقد جاء ذكرها مثلا في كتاب تاريخ يوحنا الافسسي وفي كتاب التاريخ الكنسي لابن العبري أنها بلدة محاذية لتكريت وجاء ذكرها في كتاب (تاريخ نصارى العرق لروفائيل بابو اسحق) كونها تعد مركز أسقفية(أبرشية) أي (ولاية كنسية) وقال عنها أنها تقع بنواحي تكريت. كما جاء عنها في كتاب آشور المسيحية للأب حنا فييه أنها قرية كبيرة تقع شمالي بلدة كرمي وتحت الزاب الصغير وتضم جثمان مار احودامة وجاء أيضا في نفس الكتاب نقلا عن كتاب اللؤلؤ المنثور لافرام منصور ان اقرونتا بلدة محاذية لتكريت واليها حمل جثمان مار احودامه عند وفاته. ولعل موقعها اليوم لايعدو عندي إلا ان يكون منطقة (القروردي) التي تحاذي الضاحية الشمالية لقصبة تكريت اليوم وموقعها مطل على النهر من ضفته اليمنى. 8. بلدة الهد: بلد قديم معروف. ذكرته المصادر العربية القديمة التي تحدثت عن عهد سابور بن اردشير بن بابك ومنها معجم البلدان لياقوت الحموي. وأشارت إلى انه في البرية مقابل تكريت من الغرب. وهو يعد من أهم نواحي تكريت في ذلك العهد. ولعل موضعه اليوم لايعدو عندي إلا ان يكون منطقة (الخمراني) في البرية بغرب تكريت حيث توجد آبار معمولة بنظام الكهاريز وفي داخلها تنتثر بعض كسر الخزف القديمة 9. بلدة كروم: كروم أو جروم بلدة من نواحي تكريت ذكرت كمركز أسقفية (أي ولاية كنسية) وقد سكتت المراجع عن تعيين موضعها غير إنني أجد ان موضعها يتطابق وموقع كريم أو (جريم) الأثري الذي جاءت تسميته من قبل الرحالة المستشرقين بـ(أبو خلخلان) والذي كشفت التنقيبات الأثرية الأخيرة فيه انه موقع سرياني يعود إلى فترة ماقبل الإسلام وموضعه في شمال تكريت وهو مطل على نهر دجلة من جهة الغرب. أما التغيير الحاصل في لفظه فهو متأتي من أن أهل تكريت لديهم إمالة في الكلام أي أنهم يحولون الواو إلى ياء فمثلا أنهم ينطقون السوق سيق والطابوق طبيق وكلمة فوق فيق وصندوق صنديق فلا غرابة إذا أنهم نطقوا جروم أو كروم جريم أو كريم. 10. بلدة آلوشا: بلدة قديمة جدا جاء اسمها المذكور ليعني (المدينة). وهي تؤول في قيامها ونشأتها إلى العهود الآشورية أو ربما ابعد ولكن لم تحفظ لنا الذاكرة التاريخية عن أمرها سوى اسمها الذي وصلنا عبر التواتر الشفاهي لأجيال المجتمعات التي حلت عند موضعها. وان موقعها الأثري الذي يشهد على وجودها كدليل مادي محسوس هو تل علوشة الذي يقع في ناحية العلم والذي هو اليوم مقبرة للسكان. 11. بلدة السودقانية: بلدة قديمة مشهورة من نواحي تكريت ذكرتها المصادر العربية من كتب الحوليات أو البلدانيات مرارا وتكرارا. وهي من مدن عصر ماقبل الإسلام وهي من البلدات التي بناها السريان الآراميون. ولعل موقعها الأثري اليوم لايعدو عندي إلا ان يكون خان اللقلق في أعلى منطقة تل السيباط والخزامية في شرقي تكريت من أعلاها. حيث يوجد في المكان المذكور موقع مدينة قديمة ركامها ومحلها يدللان على كونها آثار بلدة السودقانية المذكورة. 12. بلدة نرسيباد: بلدة تقع في أعلى تكريت أي في شمالها على الشاطيء الشرقي لنهر دجلة. جاء اسمها تخليدا لاسم علم يدعى مار نرساي الأبرص قديس قرديلاباد المتوفى في عام 502م الذي ترأس مدرسة الرها ثم مدرسة نصيبين والذي تلقب بلسان المشرق وباب الديانة .وموقعها اليوم لايعدو عندي إلا ان يكون قرية تل السيباط من قرى ناحية العلم فان الاسم تل السيباط ان هو الا تحريف قريب لاسمها العتيق نرسيباط. 13. بلدة أوانا: قرية واقعة جنوبي قصبة تكريت مباشرة ضمن منطقة الطيرهان في بيث كرماي. أنجبت عددا من أعلام السريانية مثل ربان مار سبريشوع مؤسس دير بيث قوقا على الزاب الكبير وابن بهلول صاحب المعجم الشهير. كانت فيها مدرسة معرفية مهمة. ولقد خربت هذه القرية وموقعها الأثري اليوم لايعدو عندي إلا ان يكون تل قبر العروس في قرية عوينات بمحاذاة قرية العوجة من الجنوب. وان منطقة عوينات سميت نسبة إليها وهي تختلف عن بلدة أوانا التي كانت تابعة لأعمال دجيل وكذلك أوانا التي كانت تتبع أسكي موصل. 14. بلدة ريشا: قرية عراقية قديمة معروفة في منطقة أو مقاطعة بيث كرماي اسمها مشتق من كلمة ريش التي تعني رئيس خرج منها ربان يعقوب رئيس دير بيث ايشوعياب بقيت عامرة حتى العصر العباسي الثاني. وقد تلاشت فيما بعد ذلك الوقت لهجرها من قبل ساكنيها السريان من بقايا الآراميين. وموقعها اليوم لايعدو عندي الا ان يكون الخربة المشهورة بقلعة رياش التي تقع على ضفة دجلة الغربية شمالي تكريت والتي هي بحسب تصنيف دائرة الآثار تعد موقع اثري يؤول لعصور ماقبل الإسلام. ولعل بقايا اسس قلعتها المبنية بالجلمود والجص خير شاهد على وجودها كبلدة فيما مضى. أما اليوم فهي مقبرة إسلامية لسكان منطقة الحجاج. 15. بلدة بحرين: اسم بلدة قديمة آرامية كانت تقوم في عصر ماقبل الإسلام. واعني فيها بلدة باحرين التي كانت تعد مركز أبرشية الجزيرة أو الأبرشية السابعة لجثلقة الإقليم الشرقي. الوارد عنها بشكل مؤكد أنها تقع في جوار أبرشية كرمي. ومن الممكن اعتبارها تابعة لبيت كرماي برغم مجاورتها لبلدة كرمي. إذا ماعلمنا أن كلمة بحرين قد جاءت من الصيغة باحرين السريانية والتي أما تعني بيث الطين الحري إذا كان أساسها باحرا أو تعني بيوت الآخرين إذا كان أساسها باحران. وان موضعها اليوم لايعدو عندي أن يكون تلول ابوجعلات في قرية الناعمة. 16.موضع اوجين: هو الموضع الذي احتضن المغارة التي ووري فيها رفات (مار اوجين) القديس السرياني الكبير الذي جاء ذكره في كتاب الرؤساء لتوما المرجي وقد تحرف اسم هذا الموضع بتقادم الازمنة ليضحى اخيرا بإسم (العوجه) وهو اليوم ناحية ادارية تقع جنوبي مركز تكريت. ـ