وصف الكتاب:
كُتب لهذا الكتاب من سعة الانتشار وكثرة الإقبال عليه ما لم أكن أتوقع. غير أني، وقد رأيت هذا الذي لم أتوَّقعه، ازددتُ يقيناً بأن أهمّ ما يعوز المسلمين اليوم، في مجال التربية، هو التكامل الإنساني الذي يقتبس ميزانه من الفطرة الإنسانية السليمة. وعندما يبرز هذا التَّكامل على صعيد الواقع الفردي والاجتماعي، منضبطاً بهذا الميزان، فلن يكون الإسلام شيئاً آخر سواه. وكتابي هذا تجربة لإبراز هذا التَّكامل والدّعوة إليه، ينطلق من القاعدة الاعتقادية... متَّجهاً إلى رعاية الحاجات الاجتماعيّة وسبل ترسيخ الحضارة.. ملتفتاً إلى حاجات القلب وحظوظه العاطفية.. على أن لا يطغى جانب منها على العقل وسلطانه، ولا ينقص أيٍّ منهما من أطراف المصالح الاجتماعية، ويفسد صلة ما بين الإنسان وصاحبه الإنسان. وهل الإسلام إلَّا هذا المنهج الإنساني المتكامل؟ كل ما آمله من الذين يقبلون على تجربة إبراز هذا التّكامل الإنساني في هذا الكتاب، أن يقبلوا على الإسلام الذي هو دستور هذا التّكامل ومصدره، وأن يعودوا فيستأنسوا به إن كانوا يستوحشون منه، وأن يصطلحوا معه إن كانوا من قبلُ في خِصام معه. ولسوف يسمو بهم الحال عندئذ إلى صعيد من النّشوة الرائعة... نشوة الفؤاد بحبِّ مَن أبدعه وأودع فيه أشواقه وأشجانه، وملأ جنبات الدنيا من حوله بالترانيم المترجمة لها، والأصداء المتجاوبة معها. ذلكم هو الله، الذي أودع في العقول سرّ الإدراك، وهيج الأفئدة بلواعج الأشواق، وأقام من الدنيا عرشاً يتبوَّأَه الإنسان مزهوّاً بكلا نعمَتَي عقله وقلبه على سائر مخلوقات الله. فمنذا الذي لا يعشق مولاه الأحد هذا، ممن مُتِّع بتاج العقل، وأُكْرِمَ بتحفة الفؤاد، إلَّا محجوب عن ذاته، مسجون في قاع رعوناته؟