وصف الكتاب:
دراسة فلسفية رائدة من حيث روعة المبنى وشمول المعنى وحصافة المغزى والجوهر، رغم أنها تتناول أعمال الفيلسوف الأمريكي ليو شتراوس (1899-1973)، الذي يوصف بأنه فيلسوف باطني بمعني أن ما يضمره أكثر بكثير مما يصرح به، ومع ذلك تحتل دراساته مكانة بارزة في حقل الفلسفة السياسية، وأفكاره لا يمكن تجاهلها من قبل أي دارس جاد للأمور السياسية. حيث يقدم تحليل شتراوس للحداثة السياسية سبيلاً يمكن من خلاله تأويل الاتجاهات التواصلية والثقافية لعصرنا، فهو يتناول التيارات الرئيسة للفلسفة في زمانه، ويحلل الظاهرة الاجتماعية والفكرية المميزة لمولد العصر الحديث، بغية تطوير فكر نقدي لديه القدرة على تفكيك أسطورة الحداثة السياسية: وهو يعني بذلك فكرة التقدم. إذ إن شتراوس لا يرفض التقدم كظاهرة تاريخية ولا الإنجازات التكنولوجية المصاحبة له، لكنه ضد الإيمان بالتقدم بوصفه أسطورة جديدة تحل محل الأساطير التي حاربتها الحداثة السياسية وانتصرت عليها، فالتقدم بوصفه أسطورة أو سردية كبرى للشرط الإنساني ليس لديه القدرة على العمل كمعيار للتوجيه الأخلاقي الضروري للسيطرة على التقدم وعواقبه. مقاربة الدكتور أحمد فاروق تري أن دراسات شتراوس اللاهوتية- السياسية للحداثة، قادته إلى النظر لليبرالية بوصفها ديانة، أكثر أشكال الدين راديكالية وجدت حتى الآن. وترى الحداثة السياسية الليبرالية بوصفها المرحلة النهائية والفريدة للتطور التاريخي للبشرية، وتُعدها على هذا الأساس مرادفة للحضارة بمعني مطلق، ورغم ذلك فإن الليبرالية لا تقدم شيئا غير إعادة إنتاج نفس العدمية التي اقترنت بها منذ بدايتها.