وصف الكتاب:
ويظهر الكتاب حجم الفائدة التي نتجت عن استعمال مفهوم التاريخ من أسفل في تطوير دراسات التاريخ الاجتماعي، استنادا لطفرات منهجية تحققت بفضل الاستفادة من "دراسات التابع" ومدرسة الحوليات الفرنسية، التي اهتمت بدراسة الكتل التي ظلت على هامش السلطة وبدأت بدراسة البنى الاجتماعية والاقتصادية متجاوزة التاريخ الوقائعي لصالح ظهور الدراسات النوعية حول تاريخ المرأة وتاريخ الأفكار. ويفضل المؤلفان التركيز على تأصيل مصطلح المهمش أو الهامش وجذره اللغوي، انطلاقا لامتداداته والكيفية التي اتخذ معها بعدا اصطلاحيا منذ سنة 1700 حيث ظهرت حكايات وقصص قدمها المشاركون مع القوات البريطانية في الحروب التي خاضتها في مستعمراتها. وظلت الأحداث التاريخية الكبرى حتى منتصف القرن الـ20 تظهر العديد من المواد التاريخية التي يمكن تصنيفها في إطار الرؤى الصادرة عن المهمشين أو الهامش وهي التي نتجت عن تناول تلك الأحداث الكبرى من منظور الجنود أو العمال وليس من منظور القادة، وتم التركيز على الكتابات التي خلفتها تلك المرحلة على تفاصيل الحياة اليومية. وكان لمساهمات المفكر الإيطالي الماركسي البارز أنطونيو جرامشي (1891 -1937) دورها في تغيير النظرة إلى تلك الكتابات والانتقال بها إلى مستوى آخر شمل مفهوم المهمش فيه كل فرد أو جماعة تعمل تحت هيمنة وسيطرة طبقة تحرمهم من الحق والمشاركة في التعبير عن حضورهم في صنع التاريخ، ويعد جرامشي مؤسس مفهوم "الهيمنة على الثقافة كوسيلة للإبقاء على الحكم في مجتمع رأسمالي". وارتبط تطوير دراسات التاريخ من أسفل على تطوير نظرية جرامشي الشهيرة عن الهيمنة والتبعية، حيث إن الهيمنة بالمعنى الذي أراده تتجاوز مفهوم القوة والسيطرة الاقتصادية أو العسكرية، وإنما امتدت لتشمل الأدوات المعرفية والثقافية. ويشير المؤلفان إلى أنه ورغم غنى المساهمة التي قدمها جرامشي لكنها كانت جزءا من أيديولوجيته الماركسية وتعبيرا عنها حتى سنوات الثمانينيات التي ظهرت خلالها "دراسات التابع" عند تناول تاريخ الهند من زاوية جديدة أبرزت الدور الحقيقي للمهمشين ودورهم في صناعة التاريخ. واستفادت هذه الدراسات من الإرث الماركسي ومن دراسات الفلسطيني إدوارد سعيد والمصري سمير أمين وهومي بابا وهو منظر إنجليزي من أصول هندية من نقاد مدرسة ما بعد الاستعمار وأصحاب دراسات النقد الثقافي.