وصف الكتاب:
مع كل قراءة جديدة لعطاء نجيب محفوظ الأدبى , تتجدد إشكاليات وتُطرح أسئلة مهمة حول أسرار عالمه الإبداعى , وإذا كان الأمر يتعلق بقصصه الأولى المجهولة فهذا يزيد الأمر تشويقا , ومن هنا فإن كتاب ” الحياة فى مقام الحيرة – قراءة فى أعمال نجيب محفوظ المجهولة ” للدكتورة عزة بدر يقدم دراسة جديدة تعد كشفا عن كتاباته الأولى التى لم تحظ بعناية الدارسين , واعتبرها بعض النقاد مرحلة تاريخية لا تُشكل فى أدبه سوى خطوات البداية دون التعمق فى درسها . وهذه القراءة الجديدة لأعماله الباكرة تكشف عن الكثير بل تؤكد أن عالم نجيب محفوظ برغم غزارة ما كُتب عنه فى حاجة إلى مزيد من الكشف والدراسة . من سحر المنابع الأولى وتقول عزة بدر فى كتابها أن نجيب محفوظ وصف فن القصة القصيرة بأنها سيدة فنون الآداب لثلاثة قرون خلت من عمر البشرية وهى الفن الذى جذب إليه أكبر عبقريات الأدب فى جميع الدنيا المتحضرة المثقفة . هكذا عشق محفوظ القصة القصيرة وكتبها قبل أن يتفرغ لعالم الرواية , وكان من رأيه أن عصر العلم الذى نعيش فيه يحتاج حتما لفن جديد يوفق على قدر الطاقة بين شغف الإنسان الحديث بالحقائق وحنانه القديم إلى الخيال وبذلك تكون القصة شعر الدنيا الحديثة فضلا عن مرونتها واتساعها لجميع الأغراض مما يجعلها فى النهاية أبرع فنون الأدب التى أوجدها خيال الإنسان المبدع على مر العصور . قصص لم تُنشر فى مجموعة نشر محفوظ أكثر من سبعين قصة قصيرة تناولت موضوعات مختلفة ومع ذلك ألف النقاد أن يسموا هذه المرحلة من كتاباته بالمرحلة التاريخية فهى لم تُنشر إلا فى صحف ومجلات الثلاثينيات والأربعينيات الأدبية ولوأنها جُمعت فى ذلك الوقت لخرجت فى ثلاث أو أربع مجموعات قصصية , ولتردد النقاد فى وصفها بالمرحلة التاريخية , ولم يُنشر منها فى كتب سوى مجموعته القصصية الأولى ” همس الجنون ” , وقد نالت هذه المجموعة اهتمام النقاد على اعتبارها بداية الطريق الخاص به . وتضيف عزة بدر ” إن هناك أهمية كبيرة لقصصه المجهولة التى تناولتها بالدراسة لتضعها بين أيدى الباحثين , حيث أنها قصص تصور وضع الإنسان من حيث القضايا الكبرى , قضية الحرية , والحكم الصالح , وعلاقة الوجود الروحى بالوجود المادى , والحياة بالموت , وهى قضايا تشغل جانبا مهما من عالم نجيب محفوظ الروائى وعالمه القصصى فى مراحل النضج , وهى التى تحمل حيرة الإنسان , وبحثه عن الكمال , إنها مرحلة من مراحل الحياة فى مقام الحيرة ” كما تقول . وقامت الكاتبة بدراسة هذه القصص المجهولة التى تنشر للمرة الأولى , وقد جمعها وحققها الكاتب محمود على فى كتاب صدر عن الهيئة المصرية للكتاب حديثا , وكان قد أشار إلى هذه القصص د. عبد المحسن طه بدر فى كتابه الرائد ” : نجيب محفوظ – الرؤية والأداة ” , ود. حمدى السكوت فى كتابه ” نجيب محفوظ – ببلوجرافيا تجريبية وسيرة حياة ومدخل نقدى ” . المورد العذب وتقول الكاتبة أن هذه القصص المجهولة تشير إلى أهمية المجلات الأدبية التى نشرت فيها هذه القصص فهى تعد الحافظ الأمين لسجل الأدب العربى الحديث لأنها ضمت بداياته وبواكيره الأولى بين طيات صحائفها سجلا لتاريخ الأدب , وتقول عن دراستها لهذه القصص ” تغلبنى حاسة التذوق الأدبى , وتأسرنى لحظات اكتشاف العوالم الأولى , ودراسة كتابات أعلامنا من الأدباء , والمجلات التى شهدت على فترات مهمة من حياة أدبنا المعاصر , وتطور القصة القصيرة فى عالم نجيب محفوظ الأدبى بصفة خاصة , ومن القصص التى تناولتها الكاتبة فى دراستها من خلال فصول الكتاب ورؤاها النقدية : فصل بعنوان الحب ومفعول السحر فى قصص نجيب محفوظ وتحليل لقصته ” الكلمة الأخيرة ” , وفصل بعنوان مشاهد من أزمات عصرية وتحليل لقصته ” البحث عن زوج ” , وفصل بعنوان أزمة الجنس فى القصة العربية وتحليل لقصة ” الحلم واليقظة ” , وفصل بعنوان أزمة البطالة والبحث عن وظيفة فى قصص نجيب محفوظ وتحليل لقصة ” مهر الوظيفة ” , وفصل بعنوان الحياة فى مقام الحيرة وحقيقة الإيمان وتحليل لقصة ” أحزان الطفولة وفصل بعنوان فتوات نجيب محفوظ ( القهر والعدل معا ) , وتحليل لقصة ” ملوك جوف الأرض ” , وفصل بعنوان دلال الأنوثة وتيه الرجولة وتحليل لقصة ” موعد غرام ” , و فى خاتمة الكتاب تناولت قصة تجربة فريدة اشترك فيها نجيب محفوظ و عبد الحميد جودة السحار والشاعر صالح جودت وهى تجربة كتابة قصة مشتركة كانت بعنوان ” على البلاج ” , وتقول الكاتبة أن هذه القصة تعد إرهاصا لكتابات أخرى حداثية تعنى بالايقاع الخاص للكاتب متفاعلا مع نبض آخرين لهم حق الإضافة , والتأثر والتأثير , وهو أحد أشكال الكتابة الحديثة أو ما يُسمى الكتابة التفاعلية وهى التى تتم على الانترنت فيكتب النص كاتب واحد ثم يتفاعل مع النص آخرون بالإضافة والتعليق وربما الحذف ! .