وصف الكتاب:
· يرى المؤلِّف أن الاتِّكاء على «العهد القديم»، بوصفه وثيقةً تاريخيَّةً، بات محلَّ ارتيابٍ في الدراسات التاريخيَّة الحديثة الجادَّة منذ وقتٍ مبكِّر؛ لعِلَلٍ كثيرة، تتعلَّق بالنقد الأدنَى (الداخلي/ الفيلولوجي) لبِنية النصِّ، أو بالنقد الأعلَى (الخارجي)، من حيث مصداقيَّته التاريخيَّة. فكيف يَصِحُّ، والحالة هٰذه، أن يُبنَى على مثل هٰذا النصِّ تصوُّرٌ تاريخيٌّ بديلٌ، أشدُّ تصادمًا معه فيلولوجيًّا وغير متسق مع المعارف التاريخيَّة؟! ذٰلك ما لن يُنقِذ النصَّ تاريخيًّا، ليُخرِجه من طبيعته التخييليَّة الأُسطوريَّة، ولن يُمِدَّ التاريخَ بمنجَزٍ عِلْمِيٍّ يستحقُّ الاحترام، بمقدار ما سينزع إلى بناء أُسطورةٍ جديدةٍ على أُسطورةٍ عتيقة! · في هٰذا الكتاب يناقش المؤلف نماذج من كتب المؤلِّفين المعاصرين في التاريخ، توالت أعمالهم على إعادة قراءة المواضع الواردة في «العهد القديم» وتأويلها، على أنها مواضع في (الجزيرة العَرَبيَّة). وسبب اختيار هٰذه النماذج أنها الأقدم والأشهر والتأسيسيَّة في هٰذا الموضوع، وما سِواها عِيالٌ عليها. وهي نماذج لحراكٍ تأليفيٍّ، ما زال مستمرًّا، بمآرب مختلفة، يتوارَى فيها العِلْم التحقيقيُّ ويتعالَى النزوع الإديلوجي. · تأتي أهميَّة هٰذه المراجعة- فضلًا عن حقِّ العِلْم في إحقاق ما قام عليه الدليل وإبطال ما دون ذٰلك- من أن هٰذا التيَّار المتكاثف في نِسبة تاريخ (بني إسرائيل) إلى (جزيرة العَرَب) ما انفكَّ في مَدِّه، منذ ما يربو على رُبع قرنٍ من الصفحات والأحبار. وتأتي أهميَّتها كذٰلك من حيث إن طائفة من تلك الدعاوَى تتعلَّق بمغالطاتٍ في ما يعرفه مؤلِّف هٰذا الكتاب. بل هو- كما يقول- شاهدٌ على حيثيَّات الوجود التاريخيِّ لبعضه، المعاصرة له أو لآبائه وأجداده الأقربين، ممَّا يتَّصل ببيئته ومنطقته، بخاصَّة. على حين تَشهد استقراءاتُ أولٰئك المؤلِّفين واستدلالاتُهم على جهلهم بكثيرٍ ممَّا يوردون حيال بعض الأماكن أو جُلِّها أو كلِّها. فإذا أُضيف إلى ذٰلك كلِّه الصمتُ المريبُ من أهل التاريخ والآثار المختصِّين- من الأكاديميِّين وغير الأكاديميِّين- الذي لَفَّ هٰذا الصخبَ المحمومَ عبر السنين الماضية، بدا الصمتُ- كما يرى المؤلِّف- خيانةً، والركونُ إلى ما ركن إليه الصامتون مشاركةً في حفلة زارٍ، لا تُجْـفِل الشياطين بل تستحضرهم، عبر التاريخ والجغرافيا معًا!