وصف الكتاب:
تأتي هذه الترجمة الفلسفية الجديدة لشاييم بيرلمان، محملة بعدد كبير من الاسئلة الإشكالية التي ربما لم يألفها خطابنا الفلسفي من قبل. رغم أنها متضمنة في بنيته ولغته وتاريخه، إلا أنها من الاسئلة/أو الحجج التي لطالما تعرضت إلى التحييد والنسيان خلال صعود رايخ الابستمولوجيا الوضعية والوظيفية وسيطرته على الفلسفة وخطابها وتاريخها وفرض أحكامه المنطقية الشكلانية ونظامه الشمولي الصارم. إن أهم ما لفت نظرنا في هذا العمل المترجم، هو طروحات الفيلسوف بيرلمان التي جاءت مغايرة تماما عن السائد الحجاجي النظري والتقليدي المتداول والمسيطِر في الأوساط الأكاديمية كافة. فقد كشف لنا بيرلمان في هذا النص، عن اعقد واهم الإشكالات التي يواجهها الخطاب الحجاجي في ظل هيمنة لسانيات الأنظمة الابستمولوجية الوضعية غير التعددية؛ والأنظمة السياسية الشمولية؛ والأنظمة الأخلاقية الهوياتية المتطابقة على الدوام مع حججها القديمة الميتة وأحكامها القيمية المنتهية الصلاحية. من هنا، يمكننا القول، إن هذا النص الفلسفي يفتح لنا من جديد، ملفات الفلسفة الموصدة على مدار حقب طويلة. وربما أهمها إعادة مساءلة جينالوجيا منطق الحجج الفلسفية وتشكيل أحكامنا الأخلاقية في عالم الخطاب وتحولاته التاريخية والسوسيولسانية. ليعلن لنا بيرلمان بلغة فوكوية –نسبة إلى ميشيل فوكو–: أن الحجاج أصبح ممارسة اجتماعية لا تنفصل عن المعرفة والسلطة وصناعة الايديولوجيا النص الفلسفي المترجم لشاييم بيرلمان: الخطاب الحجاجي من العزل المنهجي إلى الابستمولوجيا التعددية* يعد وجود النظرية التي تتأسس عليها قاعدة المصطلحات والأفكار والتصورات الخاصة بالدراسات التجريبية أو الاختبارية، واحداً من الشروط الأساسية في إثراء ووفرة البحوث المتعددة التخصصات interdisciplinaire. ودون توفر هذا الشرط، فأن كل العلوم ستكون عرضة لمخاطر إحداث عزل منهجي بين بعضها والبعض الآخر، لطالما كانت مُصرة على تبني الزعم القائل بأن كل علم يبحث في ظواهر مستقلة ومختلفة تماماً عن تلك التي تدرسها بقية العلوم. فلم يعد في إمكاننا تحديد عناصر التماثل بين تلك الظواهر في الحقول المعرفية لكثرة تباينها. وعلى سبيل المثال لا الحصر، أمسى من الصعوبة للغاية توضيح الصلة بين مفهوم التنافر الإدراكي لعالم النفس الاجتماعي الأميركي فستنغر(1) من جانب، وقانون التناقض حسب تعريفه المعطى في المنطق الشكلاني؛ ومبدأ التضاد حسب تعريفه المعطى في نظرية الحجاج من جانب آخر(2).