وصف الكتاب:
الترجمة، بصفتها خطابا وممارسة، تعبر عن الحاجة إلى التواصل والتبادل، ليس فقط بين اللغات، بل أيضا بين الثقافات. لذلك فهي تضع أمام المترجِم تحديات ورهانات تدفعه إلى تجاوز المستوى اللغوي الصرف والانخراط في الحوار الثقافي بين الشعوب والحضارات. من جهة أخرى، يتميز النص الأدبي بسمات صوتية ومعجمية وتركيبية ودلالية وتداولية، تجعل ترجمتَه عمليةً معقدة وشائكة، ومن ثمة تطرح على الباحثين قضايا نوعية وإشكالات خاصة. فلا يقتصر الأمر على نقل أفكار من لغة إلى لغة أخرى، أو استبدال كلمات اللسان الناقل بما يقابلها أو يرادفها في اللسان المنقول، ولا بنَسْخ التراكيب ومحاكاة الأساليب… وإنما بإعادة كتابة العملية الإبداعية برمتها، انطلاقا من منظور فلسفي ومعرفي، وبحس فني وجمالي. إن الأدب باعتباره كتابة شخصية تخييلية، والترجمة باعتبارها جسرا بين الأنا والغير، كانا ولا يزالان يتبادلان علاقات وطيدة، مع أن كلا منهما يشكل مجالا بحثيا خصبا ورائدا، له خصوصياته وأدواته ومقاصده، فاللقاء بينهما يطرح صعوبات عديدة، تتمثل في خلق نوع من التوازي الإبداعي بين نسقين ثقافيين مختلفين ومتباينين على المستوى التاريخي والجمالي، وفي نقل مسالك الدلالة ودروب المعاني من زمن إبداعي إلى زمن آخر، ومن جغرافيا ثقافية إلى أخرى، ومن تأويل إلى آخر. وبالإضافة إلى سياق النص الأدبي ونسقه الثقافي الخاص والعام، تطرح ترجمتُهُ صعوبات أخرى مرتبطة بعناصره اللغوية وصياغته الأسلوبية وبنائه الدلالي واستراتيجياته الترجمية والتأويلية. وهذا يقتضي أن يكون المترجِم منخرطا في عملية إبداعية شاملة تقوم على تَمَثُّل النص الأصلي في أبعاده المختلفة وفي جوانبه المتعددة، وعلى حُسْنِ تدبير ترجمته بحس إبداعي ورؤية متبصرة، تُحَقِّقُ الحوار المُنتِج بين اللسان الناقل واللسان المنقول، وبين النسق الأدبي للنص الأصلي ونسق النص المترجَم، مع مراعاة المقتضيات الفنية والجمالية والثقافية لكل منهما. وقد حققت الممارسة الترجمية الأدبية، عبر تاريخها الطويل، تراكما كبيرا يسمح بمدارستها وفحص منطلقاتها وتَبَيُّن نقط قوتها وجوانب قصورها. كما عمل النقاد والباحثون، من جهتهم، على تحليلها وتقويمها والبحث في طبيعتها ووظيفتها وآليات اشتغالها. ونتج عن ذلك ظهور ميدان دراسي وحقل بحثي يتفاعل فيه عددٌ مُعتبَر من المفاهيم والتصورات والنظريات الخاصة بالترجمة الأدبية، انطلاقا من مرجعيات معرفية مختلفة ومن منهجيات متباينة، لسانية وتأويلية وفلسفية واجتماعية وثقافية وغيرها. ولذلك يقترح مؤتمر “الترجمة الأدبية: من الترجمة إلى الإبداع“، نقاشا علميا متجددا حول طبيعة العلاقة بين الأدب والترجمة، وما يتصل بها من قضايا وإشكالات؛ من خلال بحوث نظرية ودراسات تطبيقية، باللغة العربية أو الإنجليزية أو الفرنسية. وذلك وفق محاور أساسية منها: – خصوصيات الترجمة الأدبية وقضاياها المُميِّزة؛ – أهداف الترجمة الأدبية ورهاناتها؛ – صعوبات الترجمة الأدبية وإكراهاتها؛ – الترجمة الأدبية وحوار الثقافات؛ – الترجمة الأدبية في ضوء النظريات اللسانية؛ – الترجمة الأدبية بصفتها موضوعا للتنظير الترجمي؛ – الترجمة الأدبية من منظور النظريات الأدبية والمناهج النقدية؛ – الترجمة الأدبية من منظور الدراسات الثقافية المعاصرة؛ – الأدباء والمترجمون، أية علاقة؛ – الأدب العربي والترجمة؛ – الترجمة والأدب المقارن؛ – الترجمة عن لغة وسيطة؛ – شرائط ترجمان الأدب؛ – تحديات ترجمة البنية الصوتية في الأعمال الأدبية؛ – تحديات ترجمة الشعر؛ – نظرية المعادلة وترجمة النصوص الأدبية؛ – تحديات ترجمات المجاز في اللغة الأدبية؛ – نظرية الترجمة ونظرية الأدب.