وصف الكتاب:
تعددت الحكايات عن أصل وجذور عائلة العروس الجديدة للعم أحمد، ولكن الكل أجمع على أن القرية ليست هي مسقط رأسها الأول، إذ إن ناس البر الغربي عمومًا والقرنة بوجه خاص لم يختلطوا ويتزاوجوا من خارج منطفتهم. حتى زيجات البر الشرقي لم تكن من طباعهم حتى وقت قريب، البعض قال أن عائلتها تنحدر من سوهاج، إلا أن الغالبية يُقسمون أن أصل العائلة لابد له أن يكون من الوجه البحري كالمنصورة أو دمياط، فبياض بشرتها الجلي وتقاطيع وجهها الناعمة لا تدل إطلاقًا على وجود أي دماء للوجه القبلي بها، ما قاله وتداوله الجميع عنها وعن أصل عائلتها لا قيمة له، بل حتى النظرات التي تلقتها والتي لم تخلُ من دونية وعنصرية والتي لم يخجل منها أهل النجع ولا من غرسها في صدر العم أحمد، هو الآخر لم تكن تسترعي انتباهه ولم يهتم بها، ما كان يهمه بحق هو نظرته لها ووصفه خصالها وتغزله الدائم بها: "كنت ع نغرز كوعي في جنبها واحنا ماشيين أجول ليها يا بت اتهدي ع تخرمي الأرض برجيلكي، ولا جمالك يا بت ع يميل حيطان بيوت النجع، تتضحك يا ثابت ضحكتها اللي كانت تشج ضلام ليلي وتسرع خطوتها وتجري أنا نحاول انحصلها وساعات كنت بنتكعبل في جلابيتها" لم نكن نعلم ماهية كلمات الغزل تلك كما أن لطريقة أدائه لها والتي لم نكن نعرف هل مصدر جديتها عشقه الخالص لها، أم أنه فقط جمال شهواني لامرأة، حتى في أكثر لحظات جلستنا معه وجومًا يسرح بعيدًا وتتسع عيناه ونعرف أنه ذهب هناك إلى البر الغربي والجبل والنجوم التي تتدلى لتعانق قمم الجبال، كانت شاعريته تلك في وصفه لها تدخل دفئًا ودغدغة للجلسة تدفع والدي إلى مصمة الشفاه وتدفع أمي إلى القفز للإتيان بدور شاي جديد وتدفعنا أنا وأخي إلى النظر باستعجاب بعضنا إلى بعض، وسؤالنا الصامت عن مصدر تلك الدموع الخجلة والتي بدأت تتكون في عينيه والتي كانت بدورها تدفع والدي إلى رفع صوت المصمصة في محاولة تبدو موءودة لتحجز الدموع في عينيه.