وصف الكتاب:
في روايته "صديقتي اليهودية" نجد أننا أمام أحداث سياسية موثقة تاريخيا وأحداث سردية موثقة فنيا، يتقاطع كل منهما مع الآخر، من خلال حرفته الجمالية؛ فثمة علاقة شديدة الوثوق بين أحداث الرحلة بأزمنتها، وبين الوقائع السياسية، فهذه الرحلة تشكل الخط الرئيس، معاد إنتاجها وفقا لرؤية الكاتب، ومرسومة علائقها وفق تشابكات الحدث التاريخي، منذ توقيع اتفاقية أوسلو، الذي تدور أحداث هذه الرواية في زمنها، وللكاتب موقف منها؛ فهو - وإن لم يكن محسوبا على أي طرف من الأطراف - فإنه يمثل رؤية فريق عريض في الساحة الفلسطينية والعربية، إزاء هذه الاتفاقية وموقّعيها. ومنذ البداية يتبدّى لنا أن الرواية تتخذ من تقنيات (اليوميات) إطارا سرديا لها، فهي تقوم على مبدا (القصة الإطار) كما هي الحال في (ألف ليلة وليلة)، بل انها ربما تناصّت مع النهج السردي لها، فثمة من يروي ومن يستمع، وجملة من الحكايات التي تقود أحداث كل منها إلى الأخرى؛ أما الفواصل التي تفصل بين أجزائها فهي تختلف عما هو الحال في ألف ليلة وليلة، حيث يدرك (يائيل) النوم فتغفو على وقع سرد الراوي، وإن لم يدركها الصباح، كما أدرك شهرزاد، وقد تكون الفواصل مجرد بدايات ليوم جديد، بغض النظر عن أي اعتبار آخر، جريا على نهج كتابة اليوميات. وقد استبدل الكاتب الفصول الروائية المعتادة باليوميات المؤرخة بتواريخ محددة، لقد ورد ذكر (ألف ليلة وليلة) في الرواية أكثر من مرة، واحتج بها الكاتب بوصفها تراثا عربيا ألهم كُتّاب السرد في العالم كله؛ يجيء ذلك ضمن استراتيجية دفاعية يتبناها في مواجهة جحود الغرب وأنانيته واستعلائه، في حين أنه لم يتورع عن تسجيل المآثر الغربية في السلوك والنظام، فهو ليس شوفونيا تحدوه عقدة الخواجة، وليس شعوبيا منكرا لحضارة أمته؛ ولكنه ينتقدها بمرارة مشفقة.