وصف الكتاب:
بين الشيخين ابن عربي وابن تيمية علاقة وثيقة وقرب شديد ، على عكس ما هو شائع عنهما. وعلى الرغم مما قاله ابن تيمية عن ابن عربي ، فإنه قرأه جيدا واستعار معظم مفاهيمه الأساسية. ولذلك هما يمثلان محطة نضج في الفكر الإسلامي ، فقد قربا بين الله والعالم. وقدما تصورا منفتحا ينطوي على ممكنات كبيرة لا تجعل من التأويل عملا مذموما ، ولا تقصر النظر إلى القرآن على أنه ظاهر باطن أو مجازات لغوية فقط. فكلاهما أسسا لأبنية نظرية مفهومية ناضجة عن العالم. وكلاهما رأى أن وجود العالم هو سيرورة تعين أزلي لا بداية لها. هذه السيرورة تأخذ شكل التجلي عند الشيخ الأكبر ، بينما تأخذ شكل العلاقات السببية الضرورية عند شيخ الإسلام. كان ابن عربي يرى العالم على أنه ظهور للكثرة والتعدد التي تبقي منتمية إلى عين واحدة ، وكان ابن تيمية يرى أن العالم اختلاف ، وان فكرة الوحدة والتماثل لا وجود لها. كلاهما أعاد صيغة الثنائية الدينية الأساسية: التنزيه والتشبيه ، صياغة فلسفية جعلت الله متعينا وغير متعين في الوقت ذاته ، إذ اعتبر ابن عربي أن التنزيه يخص الذات ، والسماء للتعيّن. بينما اعتبر ابن تيمية أن أفضل تعبير عن التنزيه هو بناء العالم على أساس الإختلاف ، عندها تصبح كل الموجودات منزه بعضها عن البعض الآخر ، ويصبح تنزيه الله أكثر وضوحا لأنه الكائن المتعين بصفات الكمال الخاصة به. هذه الصفات تتعين في بقية الموجودات بمقادير متباينة