وصف الكتاب:
إن الأثر الذي تركته مدينة الحلّة في القرن السابع الهجري، الثالث عشري الميلادي من خلال حمل لواء النهضة العلمية بعد الدمار الذي لحق بمدينة بغداد، عاصة آنذاك، إثرِ الإجتياح المغولي لها سنة 656هـ/ 1258م، هو أثر كبير حمل معه دلالات كبيرة لعل أهمها الدور الذي لعبه علماؤها في الحفاظ على أمن وسلامة بعض المدن، وتأسيسهم لمدينة علمية جديدة تكون بديلاً عن بغداد، وعلى رأس هؤلاء العلماء، أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الهندلي، والمعروف بالمحقق الحلّي، الذي كان يمثل المرجع الأكبر للإمامية آنذاك. وبالنظر لما تمتع به هذا العالم الجليل من قدر كبير من الإحترام والتقدير لدى من صحبه من العلماء، أو انتفع بعلمه، بالنظر لما تركه من تراث علمي كبير؛ ارتأى الباحث أن يكون موضوع دراسته هذه كتاب المحقق الحليّ الكبير هذا الموسوم بــ "شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام"، هذا السفر العظيم الذي نال قسطاً كبيراً من المديح وآيات الإجلال والإكبار من قبل العلماء، ولا أدلّ من ذلك من أنه بقي مصدراً أساساً في تدريس الفقه الإمامي في مختلف مدارس الفقه في العراق، ومرجعاً للمدارس العلمية الأخرى في العالم من عصر المؤلف إلى هذا العصر، وتم أخذ النظم المالية من كتابه هذا لتدور حولها هذه الدراسة التي جاءت تحت عنوان: "النظم المالية في كتاب شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام"؛ وذلك لأهمية هذه النظم في التعاملات اليومية، هذا أولاً، وثانياً لقلة الدراسات التي تناولت أمثال هذه الكتب لعلماء والمسلمين. وقد كانت هذه الدراسة في الأصل رسالة أعدّها الباحث كجزء من متطلبات شهادة الماجستير في التاريخ الإسلامي في قسم التاريخ / كلية التربية بجامعة واسط، وقد أخيرت بدرجة امتياز وقد اقتضت ضرورة البحث تقسيمه إلى ستة فصول، مصدّرة بمقدمة تناولت فكرة البحث وأهميته، وتمهيد جاء تحت عنوان "السياسة والفكرية في عهد المؤلف، تناول الباحث فيه أبرز ما شهده عهد المؤلف من أحداث سياسية وفكرية، ليمثل ذلك مقدمة لموضوع الرسالة والتي تم ترتيبها ضمن ستة فصول، في الأول منها ثم البحث في سيرة المحقق الحلّي الشخصية والعلمية والثقافية، ومؤلفاته وآراء العلماء والمؤرخين فيه، فيما دار الفصل الثاني حول منهجية كتاب المحقق الحلي شرائع الإسلام وآراء العلماء فيه.