وصف الكتاب:
من تحت أمواج العالم السحيق ننظر فى عمق قاعه... فى فجر تاريخه...ثم نُصعد البصر فوق السطح ليطفو مع المياه الهائجة وقد انعكست عليها أشعة فوق ضوئية وفوق موجية وفوق بنفسجية وفوق صوتية من إنتاجات القرن الحادى والعشرين، وحيث احتل البشر القمر..وطُوعت التكنولوجيا وذُللت فى يد الإنسان، وأصبح الكون كله بين يديه، وظن أنه صار قادرًا عليه...وأصبح مستقبله فى مهب الريح..أو ربما فى مهب الكلمات..أو فى سن قلم ينتظر من صاحبه همسات..أو زفرات حقد أو غيظ...أو تنهيدة غضب أو كراهية...ليتحول مصير الإنسان إلى حيث المجهول...إلى حيث لا شئ...إلى الغموض والفناء المطلق...ليعود كل شئ إلى طبيعته، وليُخيم السكون مرة أخرى على العالم كشأن ذاك السكون الذى كان أول مرة، وليصبح الكل تحت تراب التاريخ، ليعيد التاريخ اكتشافاته من جديد، وليصبح هذا المخلوق مجرد حفريات فى باطن البحار وعمق المحيطات، أو ليصبح مجرد ذكرى لمن يسكنون هذا الكوكب من بعدنا، أو ربما ليصبح الفناء هو واقع العالم، فليس ذلك منا ببعيد...وليس مايقدمه إنسان القرن الحادى والعشرين بصانعٍ لغير تلك النهاية، أو بمبشرٍ بشئٍ سواها... وعلى امتداد هذا التاريخ عمقًا وطولاً وعرضًا نسمع أصوات الحالمين من بنى البشر، الملائكيين بأجسادٍ بشرية، ينادون بالسلام...بالأمن لهذا المخلوق الذى فضله ربه على جميع خلقه...بالأمان للإنسانية المعذبة...عالم واحد...إله واحد...عدل مطلق...سلام مطلق...تلك هى أمنيات الملائكيين الذين علت أصواتهم ضد الحروب..ووقفوا فى صف الإنسانية ينتظرون لحظة الإنتصار...فسجلوا أسمائهم بحروف من نور...فى سجلات لُطخت بالدماء... د.محمد ممدوح