وصف الكتاب:
يثيرُ التفكير الفلسفي في الترجمة إشكاليّاتٍ عدّة يجلبها إلى سطح النقاش، غير مكتفٍ بمساءلة أساسيّاتها، بل تفرّعاتها وهوامشها، فاحصاً، في الآن نفسه، ذات المترجم ومهماته وأدواته في العمل الترجمي. كما يناقش النصوصَ في أصولها ومآلاتها، لا من منظور الممارسة الترجميّة فحسب، بل بالتأمّل في هذه الممارسة أيضاً وفق رؤية شاملة. الترجمة، في تصوّري، من زاوية فلسفيّة، ليست مُجرّد أداة للتثَاقُف والتواصُل، فرسالتها الأهمّ تقبع في كونها بوابة للانفتاح على الغير والتضامن مع الأجنبي بفضل ما تستند إليه من إتيقا التسامح بحكم استضافةِ الآخر لغوياً قبل أن تتحوّل إلى واقع. الترجمة، فلسفياً، رؤية للفعل الترجمي في ميتافيزيقاه وجمالياته وأخلاقياته، وهي أيضاً صورة لواقع وآفاق هذا الفعل في يومياتنا وفي تنامي حاجتنا إلى الترجمة، ليس من منطلق الاختلاف اللغوي الذي نعترف به واقعاً ماثلاً بيننا أو على تخومنا؛ بل من منطلق حاجتنا الثقافية إلى فعل لا نتصوّر أنّ حياتنا ستستمرّ من دونه. الترجمة -صورةً ومحتوىً- ذات أبعاد شتّى أبزرها البعد الإتيقي. ففي عالم يعجُّ بالتعدّد والتنوّع اللغوي، حتى داخل المجتمع الواحد، لا تصير الترجمة مجرّد جسر بين ضفاف هذه الجُزر اللغوية والبشرية، إنّما تصبح لُغة للعالَم.