وصف الكتاب:
يسعى هذا العمل إلى الإجابة على سؤال إشكالي مركزي وهو: بأي معنى يمكن اعتبار الفلسفة نموذجا للفكر المتسم بتنوع وتعدد واختلاف الآراء والمواقف، وأيضا نموذجا للثقافة الديمقراطية المدافعة عن قيم الاختلاف والحق والتقدم والتسامح؟ لمعالجة هذه الإشكالية، حاول المؤلف تتبع سبل ومسارات الفلاسفة ( في الفترتين الحديثة والمعاصرة على وجه الخصوص)، عبر عرض لأبرز القضايا المهتمة بالقيم المذكورة والمدعمة لثقافة الحوار القائمة على فكر الإنصات لقول الآخر المختلف، والعمل على التفاهم معه أو الاعتراض عليه، في إطار تبادل حر ومتكافئ للأفكار. لقد اتخذت الممارسة الفلسفية مسارات متنوعة وغنية، اقترنت بالمساءلة والاستشكال والنقد. فالتفلسف كما هو معلوم، عبارة عن ممارسة فكرية يقوم فيها العقل بالتخلي عن كل أشكال الاعتقاد الدوغمائي، وبمتابعة البحث عن معنى وقيمة الحقائق، ونقد كل الأحكام المسبقة والمسلمات التي تدعي الإطلاقية. فمن خلال النقد تبرز نسبية الحقيقة وقابليتها للتكذيب والتجاوز. ستسمح السبل والمسارات الفلسفية التي تم استحضارها، بإبراز خصوصية التفكير الفلسفي كتفكير تساؤلي ونقدي. وسيكون هذا الاستحضار بمثابة سفر داخل عوالم الفلسفة وعرض لأهم قضاياها، مثل النقد والمساءلة والمنهج والحجاج والبرهان والحق والتقدم الخ.. وما يميز هذا السفر أيضا، ، هو إبرازه لتصورات جديدة منتقدة لمركزية العقل ولكل النزعات المركزية الأخرى (العرقية والثقافية واللسانية الخ..)؛ وهي تصورات داعية إلى بناء عقلانيات جديدة، حجاجية وتواصلية وإلى بلورة نقاش نقدي منفتح باستمرار، وإلى تأسيس جديد للفكر الأخلاقي وللفكر السياسي. وقد مكنت هذه التوجهات من الانفتاح على آفاق فكرية خصبة ومتنوعة، ومن طرح أسئلة نقدية يتداخل فيها ما هو معرفي بما هو أخلاقي وسياسي وحقوقي، مثل سؤال الحقيقة وسؤال الأخلاق وسؤال العدالة وسؤال الاختلاف والديمقراطية وحقوق الإنسان.