وصف الكتاب:
يتحدّث الكتاب عن «نصائح الملوك»، أو ما أُطلق عليه، في تاريخ الفكر السياسي، اسم «مرايا الأمراء». وهي كتابات غطّت فترات طويلة من تاريخ أوربا المسيحية، بدءاً من أواخر القرن الخامس إلى مشارف القرن الثامن عشر، ويتمثّل موضوعها، تماماً كموضوع آداب الملوك الإسلامية، في بسط مجموعة من النصائح الأخلاقية - السياسية للملك أو الأمير، بهدف حُسن تدبير المملكة، أو الإمارة. كيف تمكّنت مرايا الأمراء الغربية – المسيحية من تطوير نفسها؟ كيف نجحت، تدريجياً، بشكل أو بآخر، في تكييف تصوّراتها الأخلاقية مع ما يتطلّبه الحكم السياسي من «خبرات»، و«تقنيات»؟ كيف تمكّنت من ملاءمة القيم الدينية مع مستجدّات السلطة السياسية؟ كيف وُفِّقت في استغلال الإرثين «الروماني» و«الإغريقي» في تجديد فكرها السياسي؟ كيف حدث أن تصوّر «رجال دين» مسيحيّون المجال السياسي شيئاً «طبيعياً»؛ بل صاغوا مؤلّفات خالية من إحالات دينية؟ كيف نجحت في التخلّص التدريجي من «شخصنة» السلطة للتّفكير في الدولة فضاءً مستقلاً؟ وكيف مهّدت الطريق لـــ: مكيافيلي ليسير في اتّجاه مغاير، مؤسّساً بذلك فكراً سياسياً جديداً؟ يُتحدث، اليوم، عن الدولة «الحديثة» بوصفها معطىً جاهزاً، واقعةً سياسيةً اكتملت معالمها، أو تكاد. وغالباً، يغفل، أو يتغافل، الطامحون إلى تأسيسها أنّها تطلّبت قروناً من الحركية التاريخية المتعدّدة الأبعاد، وأنّها بُنِيَت على وقائع تطلّبت صراعات طبقية، وثورات اجتماعية، وحركات إصلاحية، ونهضة فكرية... بينما تتموقع آداب الملوك الإسلامية على النقيض، تماماً، من كلّ المقومات والنظريات، التي قامت عليها الأدبيات السياسية المتزامنة مع تأسيس الدولة الحديثة.