وصف الكتاب:
لم يكن مذهب ابن عربي سوى تأويل نبيه للقرآن، مقتفياً أثره البياني، متشرباً من منهله العرفاني؛ جامعاً بين محاكاة المبنى والتماس المعنى. جمع ابن عربي بين المعرفي والوجودي، بين الحق والخلق، بين الحرف والمعنى؛ وقرأ برؤية ثاقبة، وفراسة نادرة، مداخل الآيات والسور ومعارجها. هذا الكتاب يقدم محاولة في الدراسات التأويلية تتميّز بإضافة بارزة، هي قراءة ابن عربي بعيون العصر، وقراءة العصر بعيون ابن عربي في تداخُل متحقق. قامت هذه المحاولة بتوظيف أدوات حددتها في التأويل الرمزي الخاص بالتصوُّر الصوفي والعرفاني للقرآن، ومجالات حددتها في التأويل الباروكي الخاص بكل رؤية ترى الوجود مثالاً قائماً، أو حلماً عابراً، يتطلب السبر الكشفي، والصبر المفهومي. الجمع بين الأداة والمجال من شأنه أن يكشف عن الجانب المعرفي في الاضطلاع بالموضوعات والمباحث، وعن الجانب الأنطولوجي في نمط العلاقة بالموضوعات والمباحث، سواء كانت الله، أم العالم، أم الإنسان. لم يكن التأويل الصوفي للقرآن سوى هذا الربط الرمزي والروحي بين الذات العارفة وموضوع المعرفة، بين القيمة النظرية في إدراك الموضوع والقيمة الهرمينوطيقية في العيش وفق نمط معيَّن من العلاقة بهذا الموضوع. لا شك في أن القرآن عند ابن عربي يشكل، في الوقت نفسه، الموضوع والمجال، النص والمعيش، الكلمة والخبرة؛ لذلك كان الأفق الشامل لكل نظرية تأويلية في الثقافة الإسلامية، وفي الثقافة الصوفية على وجه التحديد.