وصف الكتاب:
يندرج هذا العمل في محاولة متواضعة لتسديد النقصان الفادح في الدراسات المتصلة بالديني والسياسي في تراثنا. إنه يروم تحقيق أهداف متعددة برمية واحدة: أولاً، هدف راهني يعنى بالتعريف بنموذج عربي وسيطي ناضل ضد تعنت رجال الدين وادعائهم امتلاك الحقيقة المطلقة. وعارض، أيضاً، التوظيف الإيديولوجي والسياسي للدين، وقد كان ابن رشد إحدى ضحاياه. ثانياً، دحض الأطروحة المدافعة عن نظرية تلازم التطرف الديني الإسلامي بظاهرة العولمة. نحن نعتقد بأن من يصر على ربط التطرف الديني بلحظة العولمة إنما يروم إخفاء إحداثيات الصراع الحقيقية في عصر الواحدية القطبية، وتحويله إلى صراع رموز دينية- ثقافية، تجسده اليوم ثنائية قطبية جديدة- قديمة: الشرق "المتدين" من جهة، والغرب "الحر" من جهة أخرى. ثالثاً، تحاول وسائل الإعلام الغربية والعربية الموالية إقناعنا بأن الصراع "ما بعد الحداثي" لم يعد حيوياً؛ بل هو ثقافي. وبناء عليه، فهي لا تقدم لنا حلولاً جذرية للقضاء على الأسباب العميقة للتطرف من الجهتين؛ بل تكتفي باستخلاصات متسرعة، من قبيل ما يذهب إليه بعض الدارسين من أن الأصولية أصيلة في الإسلام، وفي ظروف الأزمات تعود إلى الظهور باعتبارها الجزء الأصيل من ماهيته.