وصف الكتاب:
حاز الفقه مرتبة شريفة بين علوم الإسلام، حتى قيل لا خير في علم بلا تفقه، غير أن للفقه كمفهوم دلالات واسعة وشاملة؛ فهو الفهم بالعموم، وصار إلى الخصوص، حيث عرف في اصطلاح الأصوليين بأنه العلم بالأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية. إن ارتباط الفقه وباقي علوم الشريعة بالدين وبالنص المؤسس، لا ينفي أن للإنسان فاعليته في تأسيسه؛ فهو علم إنساني يعتريه ما يعتري الإنتاج البشري عموماً من عوامل النقص. ولأن الزمان والمكان عنصران فاعلان في صياغة المنظومة الفقهية، كان لزاماً على كل مراجعة تتغيا تطوير المنظومة الفكرية والفقهية؛ استحضار التاريخ كعنصر أساسي في بنية التشريع، ثم نقد لبعض العناصر المؤسسة للمنظومة الفقهية التقليدية، كإلزامية التقليد ووصف الأحكام الاجتهادية بأنها أحكام الله، ولغة "إعلام الموقعين عن رب العالمين"...إلخ. لسنا نهدف ملامسة هذه القضايا بالتفصيل وفي شموليتها، بل حسبنا الوقوف عند بعض المسائل، انسجاماً مع ما ارتأته "مؤسسة مؤمنون بلا حدود" لنفسها من أهداف معرفية تتعالى على التحيزات والفوارق العقائدية، وتفكيكاً للأسس والقواعد الفكرية للظواهر الفكرية والثقافة المغلقة والاقصائية. لأجل ذلك، جاء هذا الكتاب الثاني من "سلسة أبحاث مؤمنون بلاحدود" المعنون ب" قضايا منهجية في الفقه والتشريع الإسلامي"، ليشمل دراسات لعدد من الكتاب والباحثين من مختلف التخصصات، الجامع بينهم هو المقاربة المنهجية، وإن اختلفت زوايا النظر. فأما المدارسة الأولى، فهي حوار مع الباحث التونسي حمادي ذويب حول أزمة الفقه الإسلامي اليوم، وجاءت الدراسة الثانية للدكتور علي بن محمد الحمد، لتقارب الإشكالية المنهجية في العلوم الشرعية، بينما طرح الدكتور محمد فاضل سؤال التاريخانية كإستراتيجية؛ هل هي قابلة للتطبيق لإصلاح الفقه الإسلامي؟ وعن نفس السؤال أي إصلاح التشريع، قدم الباحث محمد الخراط دراسته؛ الشريعة وإصلاح التشريع، كما قارب الباحث المغربي العربي إدناصر علاقة التشريع بالسلطة السياسية في دراسته المعنونة بالخطاب الفقهي بين النهوض والسقوط. وجاءت دراسة حمادي ذويب؛ "إشكالية مشاركة العامة في الإجماع الأصولي"، لتناقش قضية تخص أصلاً من أصول التشريع ضمن المنظومة التقليدية. أما الباحث عارف عليمي، فقد قدم دراسة تطبيقية حول آليات الاجتهاد في مؤسسة الإفتاء المعاصرة من خلال نماذج من علماء الأزهر والقرويين، وتناولت دراسة إيلي الشيش قضية المجال الخاص في الفكر السني المبكر، ثم ختم الكتاب بقضية الشريعة والقرآن بين الأصوليين القدامى ومنظري الإسلام السياسي المعاصرين للباحث رياض الميلادي.