وصف الكتاب:
إذا تقرر أن التديّن فطرة ملازمة للإنسان ابتداء، إذا لم تصرفه عنها الصوارف؛ فثمة أكثر من مبرر واحدٍ لتفسير هذا التقرير، وتكفي فيه مظاهر العجز والقصور والنسبية التي تحفه من كل جانب، والحاجة إلى الآخر لاستكمال النقص أو دفع الأذى. واعتقاد الكمال في هذا الآخر كما ذهب إلى ذلك ديكارت مثلاً، وكما ذهب أصحاب التفسير التطوري المادي الكسبي لظاهرة التديّن، عندما ربطوها بعناصر الطبيعة المختلفة واستفزازها الدائم لفكر الإنسان. ومن هنا ظهور فكرة القربان والطقس والنذر والتضحية... وغيرها من الأسماء التي تكاد تشترك في مسمى واحد. وذلك عند مختلف الشعوب القديمة، كالمصريين والهندوس والصينيين والرومان والعرب قبل الإسلام... وغيرهم، حيث كانت تقدم القرابين المختلفة، وحيث نشأت مظاهر تقديس وطقوس ملازمة لها على أكثر من صعيد. الأمر الذي رامت هذه الدراسة توضيحه وتقريبه في سياقات مختلفة من الاعتقادات والعادات المرتبطة بالأديان الوضعية أو السماوية. لكن الأهم في هذه المعالجة هو رصد ارتباط الهرمية الدينية في طقس القربان بهرمية اجتماعية وسياسية كذلك، أو لنقل المقاربة السوسيولوجية من مدخل علم الاجتماع الديني للظاهرة، إذ تبلورت نظريات في التمييز العرقي بين الأمم والشعوب، وفي الاستعلاء الاستعماري والاستيطاني، وفي حروب كثيرة تؤطرها نبوءات دينية مختلفة.