وصف الكتاب:
تهدف هذه الدراسة إلى دحض أطروحة أؤلئك الذين يزعمون النطق بلسان السماء، واحتكار اليقين الديني. كما ترمي إلى تقويض تصوراتهم، وبيان تهافتها من خلال تطبيقات منهج التأويل على النصوص الدينية، وبيان مدى قدرة هذا المنهج على الكشف عن المعاني المضمرة داخل النصوص، واقتراح تصورات جديدة ومعاصرة للفهم الديني، تختلف عن التصورات القديمة التي قدّمت تفسيراً حرفياً للخطاب الإلهي حصر معانيه في إطار ضيّق ومحدود ومنفعي. واختارت هذه الدراسة قراءة جهود واحد من المفكرين التنويريين المعاصرين، وهو المصري نصر حامد أبو زيد الذي اشتغل على تأويل النصوص والخطابات الدينية، وظل يناهض التفسير الأحادي الأيديولوجي للنص الديني الذي يلجأ إليه المنتسبون إلى فضاء "الإسلام السياسي". هذه الدراسة تؤكد أن حصر فهم القرآن برؤية أنصار التيار التقليدي يَحرِم الخطابَ الإلهي من طاقة الفهم المعاصر، لا سيما للمسلمين في الزمن الراهن، وبخاصة الذين قدّر لهم أن ينشأوا ويعيشوا في أقطار غير إسلامية. لذا راحت الدراسة ترصد أهمية الحاجة إلى انبثاق نظرية تأويلية إسلامية معاصرة تنزع الغلالات الكثيفة المحيطة بالنصوص الدينية التأسيسية، وتكشف الاستثمار الأيديولوجي النفعي لها. وخلصت الدراسة إلى أن القراءة التعددية للخطاب الإلهي تغني المعاني التي حرصت العقيدة على ترسيخها، وتحافظ على الجوهر الإيماني للدين. كما توصلت الدراسة إلى أن القراءات التعددية للخطابات والنصوص الدينية ترسّخ اليقين بأن الخطاب الإلهي ثابتٌ في منطوقه، لكنه متحرك في دلالاته، وبالتالي من حق المؤوِّلين الراسخين في العلم والمعرفة إنتاج شروط قراءة جديدة تنتقد شروط القراءة القديمة للخطاب الديني، بما يتواءم مع المتطلبات العصرية والحضارية.