وصف الكتاب:
يتحدث هذا الكتاب عن شخصية "عثمان بن عفان" رضي الله عنه وعصره وهو امتداد لما سبقه من كتب تحدثت عن الصديق والفاروق، وتبحث في دراسة عهد الخلفاء الراشدين لكي تستخرج منها الدروس والعبر وتستوعب السنن والقوانين الإلهية في حركة المجتمعات وبناء الدول ونهضة الشعوب وتربية القادة، والأفراد لنشر دين الله بين الناس. ولما كانت حياة ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه صفحة مشرقة في تاريخ الأمة، فقد قام المؤلف بتتبع أخباره وحياته وعصره، وقام بترتيبها وتنسيقها وتوثيقها وتحليلها لكي تصبح في متناول أبناء الأمة الإسلامية، على مختلف طبقاتهم من علماء ودعاة وخطباء، وساسة ومفكرين، وقادة جيوش، وحكام، وطلاب علم، وعامة الناس، لعلهم يستفيدون منها في حياتهم، ويتقدون بها في أعمالهم فيكرمهم الله بالفوز في الدارين. هذا وقد تحدث في هذا الكتاب عن اسم ذي النورين ونسبه وكنيته وألقابه وأسرته ومكانته في الجاهلية، وإسلامه، وزواجه من رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابتلاءه وهجرته للحبشة، وعن حياته مع القرآن الكريم، وملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم، وعن مواقفه في غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن حياته الاجتماعية بالمدينة، ومساهمته الاقتصادية في بناء الدولة، وتتبع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، في ذي النورين فيما ورد في فضائله مع غيره، وما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أخباره عن الفتنة التي يقتل فيها عثمان، وتكلم عن مكانته في عهد الصديق والفاروق، وبين قصة استخلافه، وما قام به عبد الرحمن بن عوف من عمل عظيم في إشرافه على إدارة الشورى، ورد على الأباطيل الرافضية التي دست في قصة الشورى، فأثبت بطلانها وزيفها بالحجج العلمية والبراهين القوية والأدلة المنطقية، وذكر أقوال أهل العلم في أحقية عثمان بالخلافة وانعقاد الاجتماع على خلافته، وشرح منهج عثمان رضي الله عنه في نظام الحكم من خلال رسائله للولاة وأمراء الجند وعامة الناس ومواقفه في الحياة، فقد وضح رضي الله عنه المرجعية العليا للدولة، وحق الأمة في محاكمة الخليفة، وقواعد الشورى والعدل والمساواة والحريات، وأهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حياة المجتمعات، و قد أشر إلى أهم صفات عثمان رضي الله عنه القيادية وذكر تسع عشرة صفة من صفاته مع المواقف الدالة على تلك الصفات الرفيعة، والأخلاق الحميدة. وتحدث عن المؤسسة المالية فبين معالم السياسة المالية التي أعلنها عثمان عندما تولى الحكم، وأنواع النفقات العامة في عهده، كصرف مرتبات الولاة، والجنود والإنفاق على الحج، وتمويل إعادة المسجد النبوي، وتوسعة المسجد الحرام، وإنشاء أول أسطول بحري... وأشار إلى أثر تدفق الأموال على الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وإلى حقيقة العلاقة بين عثمان وأقاربه والعطاء من بيت المال، وتكلم عن مؤسسة القضاء وبعض الاجتهادات الفقهية لعثمان والتي أثرت في المدارس الفقهية فيما بعد وجمع فتوحات عثمان المتناثرة في كتب التاريخ، وقام بترتيبها وتنظيمها وفق حركة الجيوش في المشرق، وبلاد الشام، وفي الجبهة المصرية والشمال الأفريقي، واستخرج من حركة الفتوح دروساً وعبراً وفوائد، كتحقق وعد الله للمؤمنين، وتطور فنون الحرب والسياسة، والاهتمام بحدود الدولة والحرص على وحدة الكلمة في مواجهة العدو، وجمع المعلومات على الأعداء، وترجم لبعض قادة الفتوح، كالأحنف بن قيس، وعبد الرحمن بن ربيعة الباهلي، وسلمان بن ربيعة، وحبيب بن مسلمة الفهري رضي الله عنهم. وأشاد بأعظم مفاخر عثمان في توحيده للأمة على قراءة المصحف العثماني، ووضح المراحل التي مرت بها كتابة القرآن الكريم، وتحدث عن الباعث على جمع القرآن في عهده، واستشارته لجمهور الصحابة، وعن عدد المصاحف التي أرسلها إلى الأمصار، وفهم الصحابة آيات النهي عن الاختلاف، وعن مؤسسة الولاة، وأقاليم الدولة في عهده، وسياسته مع الولاة وحقوقهم وواجباتهم، وأساليبه في متابعة ولاته ومراقبتهم والإطلاع على أخبارهم، وبين حقيقة ولاة عثمان رضي الله عنه، وماذا لهم وماذا عليهم، وحقيقة علاقة عثمان بأبي ذر، وابن مسعود وعمار بن ياسر رضي الله عنهم جميعاً، وفصل في أسباب في فقرة مستقلة كالرخاء وأثره في المجتمع، وطبيعة التحول الاجتماعي، ومجيء عثمان بعد عمر رضي الله عنهما، وخروج كبار الصحابة من المدينة، والعصبية الجاهلية، وتوقف الفتوحات... وبالجملة فإن هذا الكتاب يبرهن على عظمة ذي النورين، يثبت للقارئ الكريم بأنه كان عظيماً بإيمانه وبعلمه وبخلقه وبآثاره، وكانت عظمته مستمدة من فهمه وتطبيقه للإسلام، وصلته العظيمة بالله وإتباعه لهدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.